محلي

فاكهة المانجو تغرق الأسواق اليمنية.. ومزارعون يواجهون مصيرًا مجهولًا وسط كساد واسع

اليمن اليوم - خاص:

|
قبل 3 ساعة و 47 دقيقة
A-
A+
facebook
facebook
facebook
A+
A-
facebook
facebook
facebook

تشهد الأسواق اليمنية خلال الموسم الحالي تدفقًا غير مسبوق لمحصول المانجو المحلي، ما أدى إلى وفرة كبيرة في المعروض، قابلها تراجع حاد في الطلب نتيجة للأوضاع الاقتصادية المتدهورة. هذا التباين الحاد بين العرض والطلب تسبب في انهيار أسعار المانجو إلى مستويات متدنية، حيث بلغ سعر الكيلو الواحد في بعض مناطق محافظة الحديدة نحو 100 ريال فقط، في سابقة تعكس عمق الأزمة.

وأكد عدد من الباعة والمزارعين أن الأسواق المحلية باتت غير قادرة على استيعاب الكميات الهائلة من فاكهة المانجو، وسط غياب تام لأي دور حكومي في تنظيم عمليات التسويق أو فتح منافذ تصدير خارجية. ومع استمرار تدفق المحصول، تتعرض كميات كبيرة للتلف يوميًا، الأمر الذي يزيد من الخسائر التي يتكبدها المزارعون.

ويعود هذا الكساد، بحسب مختصين في الشأن الزراعي، إلى عدة عوامل متشابكة، أبرزها توقف صادرات المانجو اليمني إلى الخارج نتيجة القيود اللوجستية والإجراءات غير المنظمة، بالإضافة إلى عدم وجود مصانع وطنية مختصة في تحويل المانجو إلى لب أو عصائر، وهو ما كان يمكن أن يحد من الخسائر ويخلق قيمة مضافة للمزارعين.

وتُفاقم الأزمة غياب البنية التحتية الأساسية، لا سيما ثلاجات الحفظ والتبريد، حيث تفتقر معظم المناطق الزراعية إلى مراكز تخزين حديثة قادرة على حفظ الفاكهة لفترات كافية لتسويقها لاحقًا. كما أن موجة الحرارة الشديدة التي تشهدها البلاد حاليًا، إلى جانب الانقطاعات الطويلة في التيار الكهربائي، ضاعفت من حجم التلف، وقلّصت خيارات المزارعين.

من جانب آخر، يعاني السوق اليمني من تدني القوة الشرائية نتيجة الانكماش الاقتصادي الواسع، حيث يعيش غالبية السكان تحت خط الفقر، في ظل انقطاع الرواتب وارتفاع معدلات البطالة والتضخم. هذا التراجع في القدرة الشرائية أدى إلى انخفاض استهلاك الفواكه بشكل عام، ومنها المانجو، مما زاد من تعقيد الأزمة.

ولم تتوقف تداعيات الأزمة عند المانجو وحدها، بل امتدت إلى محاصيل زراعية أخرى مثل البصل والطماطم، التي تشهد هي الأخرى كسادًا موسميًا نتيجة غياب سياسات تنظيمية فعالة وارتفاع كلفة الإنتاج مقابل تدني العائد.

ويحذر خبراء الاقتصاد الزراعي من أن استمرار الوضع على ما هو عليه سيؤدي إلى عزوف عدد كبير من المزارعين عن زراعة المحاصيل الموسمية مستقبلاً، في ظل غياب الدعم الحكومي وانعدام التسهيلات الزراعية. كما يشيرون إلى أن غياب الخطط الاستراتيجية وانعدام التنسيق بين الجهات المختصة أفرز هذا المشهد القاتم، حيث يعاني قطاع الزراعة من الإهمال المزمن والفساد وسوء الإدارة.

وبينما تتكرر الأزمة موسميًا كل عام دون حلول، تتجدد الدعوات إلى وضع سياسة زراعية وطنية شاملة تعالج الاختلالات البنيوية في قطاع الزراعة، وتعيد الثقة للمزارعين. ويؤكد متخصصون أن إنشاء مصانع تحويلية، وتوفير مراكز تبريد، وتحسين البنية التحتية، وتمكين المزارعين من الوصول إلى أسواق التصدير، تمثل خطوات عاجلة لا تحتمل التأجيل إذا ما أريد لهذا القطاع أن ينهض من جديد.

في المقابل، يستمر المزارعون في مواجهة مصيرهم المجهول وحدهم، وهم يشاهدون محاصيلهم تتلف وتُرمى في النفايات، في ظل غياب الدولة ومؤسساتها، وتراجع الدور الاقتصادي الحقيقي للسلطات القائمة، التي تكتفي بالمشاهدة دون أي تدخل ملموس.

جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية
جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية