محلي

طريق البيضاء مارب.. لماذا الآن..؟!

وسام عبدالقوي

|
08:50 2024/06/06
A-
A+
facebook
facebook
facebook
A+
A-
facebook
facebook
facebook

إن أي إنسان طبيعي وأي مواطن يمني تحديداً في هذه الظروف التي يعيشها اليمن منذ عشر سنوات، لا بد له من أن يشعر ولو بقليل من التفاؤل والرضا عن أية مبادرة، تخفف عن الناس وإن بعضاً مما عاشوه ويعيشونه جراء الحرب والأزمة، التي تسبب فيها الانقلاب الحوثي وإسقاط الدولة.. ومثل ذلك تقريباً عكسته (المبادرة الشعبية) التي تكفلت بفتح طريق البيضاء مارب، وهو طريق من عشرات الطرق التي ضاعف انقطاعها، في عدد من مناطق اليمن، مآسي ومتاعب المواطنين خلال هذه الأزمة الانقلابية التي لم يلح لها طرف أو نهاية..

لن نكون متشائمين أو مثلما يقال بالدارجة (مبعسسين) حين نبدي أثراً للاستغراب والتساؤل تجاه مبادرة كهذه من نواح شتى، أولها وأبرزها توقيت هذه المبادرة.. التي تأتي في قلب وخضم ضغوطات وإجراءات سياسية واقتصادية قوية كانت مفترضة ومأمولة منذ بداية الانقلاب، وقد بدأت الشرعية الآن في تنفيذها لخنق جماعة الحوثي الانقلابية، ومنها قرارات البنك المركزي بنقل البنوك وتحييد العملة القديمة التي يرتكز عليها اقتصاد وتعاملات الحوثيين، وتوريد إيرادات شركة اليمنية للطيران إلى عدن، وهي إجراءات استنفرت لها الجماعة وبدأت تتصرف بهياج مليشاوي مجنون وتتخذ إزاءها إجراءات فيها من الحمق والأثر السلبي على نفسها ما يمكن أن يفشل مشروعها الانقلابي بشكل كبير..!! 

ثم أن هذه المبادرة كان قد تقدم بها قبل أشهر الشيخ سلطان العرادة محافظ مارب، ولم تكن مقبولة لدى جماعة الحوثي التي حاولت كثيراً تسفيهها وتصويرها على أنها ليست مبادرة حقيقية وفعلية وإنما عمل دعائي فيه الكثير من المزايدة، ومحاولة كسب الرأي العام، واليوم يتم تنفيذ هذه المبادرة على أنها آتية من جهات (قبلية شعبية) تحاول الجماعة تجييرها لنفسها أو لصفها، وتتصدر أخبارها واجهات الإعلام ويتصدر للحديث عنها والمشاركة فيها قيادات حوثية ومسئولون وناشطون محسوبون على الجماعة، في محاولة واضحة لتجييرها لحسابهم وخطف الأضواء من جهة، ولكسب موقف شعبي بإمكانه المساعدة على تخفيف تلك الضغوط السياسية والاقتصادية التي بدأت تنفذها الشرعية من جهة أخرى.. 

لقد بدت إجراءات الشرعية الأخيرة وخصوصا المتعلق منها بقرارات البنك المركزي ليس كالحجر الذي حرك المياه الراكدة وحسب، وإنما الحجر الذي وقع فجأة ودون مقدمات على رأس الحوثيين فأدماه.. دون أن يعلموا كيف ومن أين ولماذا سقط على رؤوسهم دون سابق إشعار، كان وما يزال حتى اللحظة إجراء مربكا تماما لم يجدوا له ردا ناجعاً ولا حيلة للتخلص من أثره الكارثي عليهم، إلا محاولة كسب الرأي العام في صفهم، ليلجأوا أو ليعودوا لمثل هذه المبادرة التي لم تكن من بنات أفكارهم مطلقا ولم تكن حتى في مساحة قبولهم، لتكون بمثابة قشة قد تنقذ موقفهم بحشد جزء من الراي العام لصفهم..!! 

أو على الأقل قد تكون عاملاً شاغلاً للرأي العام والشرعية، بينما يستوعبون هم حجم الموقف الذي وقعوا فيه، ليحاولوا معالجته أو إيجاد رد فعل مناسب له ومنقذ لهم من هذا المأزق، وربما لتتوفر مساحة وقتية مناسبة يجدون فيها يد العون التي تمد إليهم عادة (من الغيب) كلما وقعوا في مأزق مماثل لهذا المأزق الذي يعيشونه اليوم.. إن الملاحظ والمتابع لتطورات الأزمة في اليمن لا يمكن أن تمر به مبادرة فتح طريق البيضاء مارب إطلاقاً دون أن يربطها بتوجهات وقرارات الشرعية التي صدرت مؤخراً، ولا يمكن أن يفوته أبداً أن وراء الأكمة ما وراءها.. وإن على الشرعية أن تستمر وتضاعف تلك الضغوط ما دامت ستثمر عنها مثل هذه المبادرات التي تخفف مآسي ومتاعب المواطنين.. خصوصا ما إذا علمنا أن معظم إن لم يكن كل حالات قطع الطرق وعزل المناطق عن بعضها الموجودة الآن، هي من فعل هذه العصابة الانقلابية.

جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية
جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية