على الرغم من إطلاق خطة الاستجابة الإنسانية لليمن للعام الحالي في 27 فبراير الماضي إلا أن الدول والمنظّمات المانحة لم تقدّم للشعب اليمني حتى الآن سوى 33% فقط من مبلغ 4.3 مليار دولار وهو التمويل المطلوب لمواجهة أكبر أزمة إنسانية في العالم، مع احتياجات إنسانية لأكثر من 21.6 مليون شخص أي 75% من سكان اليمن ممّن أرهقتهم سنوات الحرب الثمانية.
ويشعر اليمنيون بالخذلان من توجّهات التمويل المتناقصة للمانحين التي لا تزال تثير قلق المجتمع الإنساني في اليمن، والتي أدّت إلى تقليص حاد ومقلق في المساعدات وأثّر على الفئات الأكثر ضعفاً في اليمن. ومنها ما أعلنه برنامج الأغذية العالمي (التابع للأمم المتحدة) مؤخّراً من تعليق تدخّلات الوقاية من سوء التغذية في اليمن اعتباراً من نهاية سبتمبر الماضي بسبب نقص التمويل ما سيؤثّر على 2.4 مليون شخص.
ودفعت الأزمة الاقتصادية المتدهورة وتفاقم الأزمة الإنسانية 48 منظّمة يمنية ودولية إلى دعوة الجهات المانحة مطلع هذا الشهر إلى سد فجوة التمويل الإنساني والبالغة 70% للقطاعات الحيوية بما في ذلك الحماية والصحة والتعليم، والإيفاء بالتعهدات الحالية.
وشدّدت المنظّمات في بيان مشترك على الجهات المانحة تفعيل نهج الترابط بين العمل الإنساني والتنمية ودعم الحلول الدائمة لتعزيز القدرة على الصمود والاكتفاء الذاتي. كما طالبت المنظّمات الأطراف السياسية بمواصلة التفاوض من أجل التوصّل إلى سلام شامل ومستدام لمنع المزيد من التدهور في الاقتصاد، لافتة إلى أن اليمن يمر بمرحلة حرجة ما يتطلّب تضافر من جانب الحكومة اليمنية والمجتمع الدولي لدعم الاستقرار والسلام والازدهار.
ويعاني 17 مليون يمني من انعدام الأمن الغذائي، ويشمل ذلك 6.1 مليون شخص في مرحلة الطوارئ بموجب التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي، والذي يشير إلى نقص حاد في الغذاء وسوء التغذية الحاد ويؤثّر بشكل خاص على النساء والأطفال مع وجود خطر الوفاة بسبب الجوع.
وتؤكد وكالات الأمم المتحدة والمنظّمات الدولية غير الحكومية أن تقليص التمويل يعرّض الملايين من الأشخاص الضعفاء لتفشّي الأمراض المنتشرة والجوع ومحدودية الوصول إلى الرعاية الصحية. ويترافق هذا مع تقلّص الدعم المقدّم للمرافق الصحية في المناطق الأكثر ضعفاً إذ فشل التمويل مراراً وتكراراً في مجاراة الاحتياجات لتصل في النهاية ما يزيد بالكاد على 50% في عام 2022.
واليوم يحتاج ما لا يقل عن 17.7 مليون شخص إلى المساعدة والخدمات المتعلّقة بالحماية. كما يوجد أكثر من 11 مليون طفل معرّضون للخطر ويحتاجون إلى الحماية والخدمات الأساسية.
وتوضّح الوكالات والمنظّمات الإنسانية أن النظام الصحي في اليمن يتداعى تحت ضغط ضرورة تلبية الاحتياجات المتزايدة بموارد قليلة أو معدومة ما أدّى إلى افتقار ما يقدّر بنحو 20.3 مليون شخص إلى الرعاية الصحية.
ويواجه اليمن نقصاً حاداً في المياه لأغراض الإنتاج الزراعي والاستخدام البشري. ويحتاج ما يقرب من 15.4 مليون شخص المياه الصالحة للشرب وخدمات الصرف الصحي لتجنّب التعرّض لخطر الإصابة بالكوليرا وغيرها من الأمراض الفتّاكة.
وفي وقت سابق من هذا الشهر دعت منظّمة "أوكسفام" (الخيرية الدولية) الأطراف اليمنية إلى السعي لتحقيق سلام مستدام وشامل، والوفاء بتعهدات المساعدات الإنسانية الدولية، مشيرة إلى معاناة أكثر من ثلث سكان اليمن من الجوع الشديد، إذ تعتبر معدّلات سوء التغذية بين الأطفال من بين أعلى المعدّلات في العالم.
وفي بيان بمناسبة مرور عام على انتهاء الهدنة الإنسانية (2 أكتوبر) قالت المنظّمة إن الاقتصاد اليمني- في الشمال والجنوب- يعاني تدهوراً كبيراً، حيث تزايدت معدّلات انخفاض قيمة العملة وذلك بسبب التضخّم، وتضاعفت أسعار المواد الغذائية ولم يعد العديد من اليمنيين قادرين على شراء احتياجاتهم الأساسية من الطعام