في إنجاز علمي لافت يُضاف إلى سجل الكفاءات اليمنية في الخارج، نال الباحث اليمني الدكتور محيي الدين الخالدي درجة "دكتور ناووك" (Doktor Nauk)، وهي أعلى درجة أكاديمية في النظام التعليمي الروسي، من جامعة كازان الفدرالية، إحدى أعرق الجامعات في روسيا وأوروبا الشرقية.
وجاء هذا الإنجاز بعد مناقشة أطروحة علمية رفيعة المستوى يوم الخميس 4 يوليو 2025 في كلية الفلسفة والعلوم الاجتماعية والاتصال الجماهيري، بحضور نخبة من الأكاديميين الروس، بينهم رؤساء خمسة مجالس علمية من كبرى الجامعات الروسية، في إشارة واضحة إلى القيمة العلمية المتميزة للأطروحة وصاحبها.
وجاءت الأطروحة تحت عنوان: "إدمان المخدرات بين سكان اليمن في سياق التحولات الاجتماعية والثقافية في المجتمع اليمني الحديث"، حيث تناول الدكتور الخالدي الظاهرة من منظور سوسيولوجي بنيوي، مسلطًا الضوء على العوامل المؤسسية والثقافية والنفسية المرتبطة بتنامي الإدمان، خاصة في ظل التغيرات العميقة التي يمر بها المجتمع اليمني جراء الحرب والصراع.
واعتمد الباحث في دراسته على منهجية علمية دقيقة، جمعت بين التحليل النظري والدراسات الميدانية، بما في ذلك مقابلات شبه رسمية مع مدمنين حاليين وسابقين، كاشفًا عن قصص وتجارب تسلط الضوء على التهميش الاجتماعي وضعف برامج الإدماج وإعادة التأهيل. وأظهرت نتائج البحث أن غالبية المدمنين بدأوا تعاطي المخدرات في سن مبكرة، خصوصًا خلال المراحل الدراسية، نتيجة ضغوط نفسية وأزمات أسرية وتعليمية، رغم انتماء الكثير منهم إلى أسر ميسورة.
ورصدت الدراسة ضعف البنية المؤسسية المعنية بمكافحة الإدمان في اليمن، وتحديدًا غياب برامج التأهيل المتخصصة، واعتماد بعض المؤسسات، كالجهات الأمنية والدينية والطبية، على أساليب إقصائية تصنف المدمنين كمجرمين أو مرضى نفسيين، ما يزيد من حدة التهميش ويقلص فرص التعافي.
وأكد الدكتور الخالدي في خاتمة أطروحته على ضرورة تطوير سياسات وقائية مستدامة، وبناء مؤسسات متخصصة تعنى بإعادة الإدماج الاجتماعي والطبي والنفسي، مع التركيز على حماية الفئات الأكثر هشاشة، وخصوصًا الأطفال والمراهقين، من خطر الانزلاق إلى الإدمان.
وقد لقيت الأطروحة إشادة واسعة من اللجنة العلمية التي منحت الدرجة بالإجماع، مشيدةً بأصالة البحث وإسهامه النوعي في حقل علم الاجتماع العربي، وفتحه لآفاق بحثية جديدة في دراسة الإدمان ضمن السياق الثقافي والاجتماعي اليمني.
وتجدر الإشارة إلى أن درجة "دكتور ناووك" تُمنح في روسيا للباحثين الذين يقدمون إسهامات علمية غير مسبوقة، وهي تلي درجة "كنديدات ناووك" (Kandidat Nauk)، المعادلة لدرجة الدكتوراه (PhD) في النظام الغربي، مما يجعل حصول الدكتور الخالدي على هذه الدرجة تتويجًا لمسيرة علمية حافلة امتدت لسنوات.
ويُعد الدكتور محيي الدين الخالدي من أبرز الباحثين اليمنيين في علم الاجتماع، وله عدد من المنشورات العلمية المحكمة التي تناولت قضايا التحولات الاجتماعية والثقافية في العالم العربي. ويعكس هذا التتويج الأكاديمي مكانته المتقدمة بين نخبة الباحثين المعترف بهم دوليًا.