آراء

30 نوفمبر.. ذكرى الاستقلال المجيد واسقاط مشروع التشطير البريطاني

أبو بهاء الصليحي

|
11:59 2023/11/30
A-
A+
facebook
facebook
facebook
A+
A-
facebook
facebook
facebook

الثلاثون من نوفمبر67، هو حكاية شطرٍ يماني ثائر أنهكه التشطير، وأمعن الانجليز في بعثرته أشطاراً.. خلاصتها تبدو إدانة فاضحة للاحتلال، وشاهداً حياً على تكريسه المكشوف لسياسة (فرّق تسد) وإيغاله في تقطيع الأوصال.

سياسة فرق تسد، مثلما كانت إدانة للمحتل البريطاني، هي بالمقابل تبدو شاهداً على منجز تاريخي كبير أبدعه صناع الاستقلال المجيد الذين كتبوا نهاية مُذِلة للاستعمار البغيض في30 نوفمبر67، وجلاءً مخزياً لآخر جندي بريطاني من البلد، ورفضاً مُدَوّياً لمشاريع التشظي والتفكيك ومحاولات طمس الهوية منذ وقت مبكر.

الاحتلال جعل من الشطر الجنوبي للوطن عبارة عن كنتونات متناثرة، ومشاريع دويلات مستقلة تجاوزت22 سلطنة ومشيخة يشكل كل منها كيانا قائما بذاته، ولكل منها حدودها وعاصمتها وعلاقاتها الخارجية.

حدث هذا قبل زمن الاستقلال المجيد، حين كان الاستعمار يحاول بكل قوة خلق فوارق تاريخية وثقافية وسلق هوية وطنية جديدة لجنوب الوطن، تارة باسم إمارات الجنوب العربي، وأخرى باسم اتحاد الجنوب العربي، خوفاً من جموحهم واندفاعهم لشمالهم الثائر، وقتلاً لطموح التقارب ولحمة الشطرين.. لُحمة لم تكن تعني في نظر المحتل سوى غروب مؤكد للإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، ونهاية قبضتها في بلاد العرب.

ولتحقيق الفرقة والشتات بين اليمنيين دخل المحتل مع تلك الكيانات الصغيرة والإمارات المتناثرة في اتفاقيات حماية استراتيجية- بعضها طوعاً وأخرى قسرياً استمرت حتى الاستقلال في 30 نوفمبر67، التاريخ الذي تمكنت فيه الموجة الثورية الجديدة من إلغاء كافة الكيانات المستقلة وإدماجها في إطار كيان يمني أصيل وجنوب وحدوي قبل تحقيق الوحدة.. ما اعتبره المؤرخون أكبر منجز صنعه الاستقلال، الحدث الذي رد الاعتبار للكرامة العربية في تلك الحقبة الحزينة، والنقطة المضيئة في سماء وطن عربي خيم عليها ظلام النكسة، والبذرة الأولى التي مهدت الطريق لاستعادة اليمن الطبيعي وبدء صياغة اتفاقيات الوحدة بين الشطرين.

إبان قيام الثورة السبتمبرية في شمال الوطن تعاظمت المخاوف البريطانية فسعت إلى تشتيت اليمنيين وعملت على تأسيس ماسمي باتحاد إمارات الجنوب (العربي)، كتكريس لانسلاخه عن هويته اليمانية، وهو اتحاد لمشيخات وسلطنات تأسست تحت رعاية الإمبراطورية البريطانية في محمية عدن في11 فبراير1959، واستمر حتى العام67 وعاصمته عدن.. وهو الاتحاد المصطنع الذي أُلغي كلية وعاد إلى أصله اليمني عندما نال الاستقلال سويةً مع ماسمي بمحميات الجنوب العربي بفضل انتصارات الكفاح المسلح في30 نوفمبر67، لينشأ كيانا واحداً تحت مسمى جمهورية اليمن الديمقراطية، ماتسبب في إخراجه فوراً من عضوية رابطة دول الكومنولث- كنتيجة عقابية طبيعية من المحتل، رغم أن بقية البلدان التي احتلها الانجليز حافظت على عضويتها حتى اليوم، وظلت تتمتع بدعم بريطاني ورعاية خاصة، فقد أنشئت تلك الرابطة كتعويض أخلاقي للبلدان التي عاث فيها الاستعمار فسادا على مر تاريخه.

جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية
جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية