حولت ميليشيا الحوثي العدوان الصهيوني على قطاع غزة إلى فرصة للاستثمار السياسي مستندة على شعارها المتمثل بصرخة الموت الخمينية في التسويق لنفسها والادعاء بأحقيتها في تبني الغضب الشعبي تجاه ما يحدث في فلسطين وتوجيهه نحو مسارات تخدم أهدافها ومشاريعها السياسية والعسكرية.
جماعة الحوثي -التي تعد واحدة من أدوات العبث الإيراني في المنطقة- تجاوزت في تعاملها مع القضية الفلسطينية مرحلة الشعار الذي استندت وتستند عليه في تمرير زيف ادعاءاتها ومزايداتها منذ نشوئها، ووصلت إلى مرحلة حولت فيها دماء وجروح وآلام ومعاناة أبناء الشعب الفلسطيني إلى فرصة للاستثمار السياسي وموسما للجباية واستغلال عاطفة الشعب اليمني لتحقيق مكاسب مادية وتعزيز صفوف مليشياتها بالمقاتلين بمزاعم تحرير فلسطين والمسجد الأقصى.
مساء الثلاثاء وعقب نشر وبث خبر المجزرة التي ارتكبتها إسرائيل في مستشفى المعمداني بقطاع غزة فوجئت مليشيا الحوثي بخروج آلاف اليمنيين في صنعاء وذمار وإب وغيرها من المدن في تظاهرات تلقائية للتعبير عن غضبهم وتنديدهم بالمجزرة الإسرائيلية في غزة، الأمر الذي رأت فيه المليشيا خروجا لا يترجم سياستها وسارعت بإرسال عناصرها للمشاركة في التظاهرات واحتوائها وصبغها بصبغة طائفية وتحويلها من غضب شعبي تلقائي إلى فعل يحسب بل إن وسائل إعلامها وقنواتها لم تقم بتغطية وبث التظاهرات إلا بعد سيطرة عناصر المليشيا عليها.
في اليوم التالي وفي اطار ما قال عنه محور المزايدات إنه يوم غضب ضد إسرائيل شهدت العاصمة صنعاء تظاهرة حوثية الدعوة والشعارات والتغطية الإعلامية، لم تحرص المليشيا فيها على تأكيد مساندة اليمنيين لإخوانهم في فلسطين والتنديد بالمجزرة الإسرائيلية التي سقط فيها أكثر من 500 شهيد جلهم من الأطفال، بقدر ما حرصت على تدشين حملة لجمع التبرعات للفلسطينيين في قطاع غزة ودعم حركة حماس التي نهبت المليشيا مكتبها في صنعاء أواخر العام 2014.
وبذات الطريقة والاسلوب الذي دشنت به جماعة الحوثي حملة التبرعات لفلسطين، اعلن نفس الشخص الذي تبرع بجنبيته أواخر مايو من العام 2021، السلالي محمد علي الحوثي، عن تدشين الحملة بالتبرع بساعته الثمينة داعيا المواطنين إلى البذل والتبرع لإخوانهم في فلسطين، الأمر الذي قوبل بالسخرية والتساؤل عن مصير المبالغ التي تم جمعها في الحملة السابقة والتي بلغت مئات الملايين.
مراقبون أكدوا أن العدوان الإسرائيلي على غزة مثل سقوطا مدويا لجماعة الحوثي وغيرها من فصائل محور المزايدات بما في ذلك إيران، مشيرين إلى وصلوا إلى قناعة بأن موقف جماعة الحوثي ومزاعم مساندتها ووقوفها مع أبناء قطاع غزة ليس أكثر من شعار تستغفل به اليمنيين الذين أصبحوا اليوم على يقين أن القضية الفلسطينية بالنسبة للجماعة ليست سوى موضوع للمزايدة.