آراء

أحصنة طروادة الحوثية تتّجه جنوبا!

صالح البيضاني

|
03:29 2021/10/23
A-
A+
facebook
facebook
facebook
A+
A-
facebook
facebook
facebook

قد يبدو الحديث عن أهداف الحوثيين العسكرية ما بعد مأرب، ضربا من التشاؤم في نظر المناهضين للميليشيات المدعومة من إيران في اليمن، لكن الواقع يؤكد أن مسار الحرب يسير منذ العام 2017 في اتجاه واحد يصب في صالح المتمرّدين الحوثيين الذين استغلوا العديد من العوامل والتحولات الداخلية والخارجية التي خدمت مشروعهم الأيديولوجي العنيف.

ومع تقدم الحوثيين البطيء في مأرب، بات السؤال المنطقي يتمحور حول هدفهم القادم، على الرغم من الرسائل المخادعة التي يحاولون بثها داخليا وخارجيا حول رغبتهم في الجلوس على طاولة الحوار ووضع نهاية للحرب بعد سيطرتهم على آخر وأحصن معاقل الشرعية في الشمال.

ولا تنطلي أكاذيب الحوثيين حول نهاية مطاف آمالهم التوسعية، على من يعرف جيدا سيرتهم السياسية والعسكرية الملطخة بالانقلاب على الاتفاقات والتملص من المواقف المرنة المصطنعة التي عادة ما يطلقونها في لحظات ضعفهم قبل أن يخلعوها كمعطف فراء خشن مع أول فرصة سانحة تلوح للانقضاض على خصومهم.

المشروع الحوثي المدعوم إيرانيا والذي يحظى بتواطؤ دولي وإقليمي من بعض الدول، لن يتوقف أو تتعثر أقدامه جنوبا، ما لم يجد مشروعا مناهضا يتصدى له

وعلى سبيل المثال لا الحصر، ظل الحوثيون خلال الحروب الست يرفعون شعارات منادية بحق الجنوبيين في تقرير مصيرهم، لكنهم أعقبوا هذه السلسلة الطويلة من الخطابات المخاتلة باجتياح عنيف لجنوب اليمن بعد انقلابهم وسيطرتهم على العاصمة اليمنية صنعاء مباشرة.

ومن يعرف تكتيك الحوثيين السياسي يدرك حتما أن هزيمتهم المذلة في عام 2015 وطردهم من المحافظات الجنوبية بشكل مهين لم تفقدهم رغبتهم الجامحة في إعادة الكرّة، ولكن بأساليب مغايرة بعض الشيء هذه المرة ومع رصيد أكبر من الخداع والمكر والانتهازية.

ويمكن اعتبار خسارة الحوثيين في العام 2017 لمنطقة بيحان في محافظة شبوة بعد مقاومة شرسة، نموذجا مصغرا لما يمكن أن يكون عليه الحال في الأيام القادمة لمشروعهم تجاه الجنوب، حيث استعادوا المنطقة التي خسروها، ولكن بوسائل مختلفة بعض الشيء، مستخدمين عوامل محلية في المنطقة وولاءات عرقية وسلالية مكنتهم من السيطرة على بيحان ومناطق مجاورة من داخلها أو ما يمكن وصفه باستخدام سلاح الخيانات القاتل.

ومع ما يعتقد الحوثيون أنه اقتراب مخطط إسقاطهم لمحافظة مأرب الاستراتيجية من نهايته، يبدو أن الجزء العملي من استراتيجية نقل المعركة جنوبا قد بدأ بالفعل، بعد أن ظل مقتصرا طوال السنوات السبع الماضية على الجانين الاستخباري والإعلامي، وتغذية الصراع بين المكونات المناوئة لهم وتحديدا الشرعية والمجلس الانتقالي.

والواقع والعديد من الشواهد تقول اليوم إن الجماعة المدعومة من إيران تستعد بالفعل لاختبار القوة مجددا في محافظة شبوة تحت ذريعة ملاحقة الإخوان والقاعدة، ولكن الهدف الحقيقي يبدو أنه على صلة بتتبع موارد النفط والغاز الممتدة من مأرب حتى شبوة وصولا إلى وادي حضرموت، ويأمل الحوثيون في تحقيق هدفهم هذا بالاستفادة من الفراغ الاستخباري الذي خلفه غياب مؤسسات الاستخبارات التابعة للحكومة الشرعية وسيطرة الجماعة على هذا الملف الحساس بشكل منفرد، إلى جانب تجنيد خلايا نائمة يجمعها بالحوثيين هاجس الانتماء السلالي والعرقي كما حدث في بيحان وحريب ومناطق أخرى استخدم الحوثيون فيها “حصان طروادة” وحركوا “الطابور الخامس”.

جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية
جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية