مع كل ذكرى للثاني من ديسمبر تستنفر جماعة الحوثيين الانقلابية بشكل لا أقول مبالغ فيه، بقدر ما يؤكد مدى الرعب الذي بات يغشى المليشيا ويقض مضجعها، حد أنها لم تعد تشعر بلحظة أو بذرة من الأمان، تجاه شيء مما يحيط بها، على الرغم مما حوطت وتحوط نفسها به من سبل الأمان والتأمين والاحتياطات العسكرية والمدنية والشعبية، فضلاً عن قوها ومليشياتها السرية الخاصة، والتي أصبحت منتشرة في المدن والأرياف..
يقترب ديسمبر فتفرِّغ العصابة الانقلابية كل جهودها وقواها وتجند كل ممكناتها وتستدعي حتى الفائض من مجنديها ومرتزقتها، لتطعم بهم الشوارع والأزقة والأحياء، خصوصاً داخل العاصمة صنعاء، مستهلكة في سبيل ذلك الكثير من موارد الدولة والسلطة التي اختطفتها، لتمول عمليات حماية نفسها وانقلابها من أي تحرك شعبي أو ثوري داخلي محتمل.. وكلما مر عام تضاعفت تلك الإجراءات، إدراكاً منها أن مستوى قابلية المجتمع لها يتضعضع ليس من عام لآخر بل من يوم للذي يليه..
ولا تنسى المليشيا الانقلابية أن ترفق تلك الإجراءات بحملات إعلامية، تتضمن عادة التهديد والوعيد صراحة وإيماء، بالويل والثبور لكل من يفكر مجرد تفكير في التعارض معها، أو يحاول إثارة أية بلبلة، بل وصل الأمر إلى تحذير الناس من مجرد الحديث عن الثاني من ديسمبر أو ذكر الزعيم الشهيد علي عبدالله صالح، الذي قامت المليشيا بالانقلاب عليه والغدر به، وسط رفض شعبي كبير أصبح يتضاعف من يوم لآخر، نتيجة لتنامي فهم ووعي الناس لحقيقة الانقلاب، الذي اتضح دون شوائب أنه انقلاب من أجل مصلحة جماعة متمردة، وصلت لهدفها المنشود المتمثل في (القوة والسلطة)، فاستغلته ولا تزال تستغله من أجل صالحها هي فقط.. بعيداً عن أية إرادة أو مصلحة شعبية عامة أو وطنية سامية..
ويظهر الخطاب الإعلامي وفحوى المحاضرات التي يلقيها خطباء وثقافيو الجماعة، مدى ذلك الرعب الذي صار يتخلل كيان الانقلاب، في استهلاك طاقاتهم في محاولات شغل وتشويش وعي العامة بوعود وأكاذيب وترهات تتجاوز أحيانا المعقول والمنطقي، ومزايدات تتناقض في الغالب مع بعضها، مثل الدعوة للاحتشاد احتفاء بذكرى جلاء الانجليز من جنوب الوطن في الثلاثين من نوفمبر، (بسبب التزامن مع ذكرى الثاني من ديسمبر فقط)، فيما يمنعون التجمهر والاحتفاء بذكرى الثورة/الأصل (سبتمبر وأكتوبر)..!! ويهددون ويسجنون ويلاحقون من يحتفي بها أو حتى يدعو للاحتفاء بها..!!
كما يضمنون خطاباتهم بدعاوى تناقض الحقيقة مثل ما يسمونه الدور الكبير لأجدادهم الأئمة في دحر الاحتلال الانجليزي، فيما لم يتم دحر الاحتلال إلا بعد القضاء على حكم أجدادهم الكهنوتيين.. وتؤكد الحقائق التاريخية تمالؤ الأئمة مع الاحتلال الانجليزي، ولو لم يتم القضاء عليهم وعلى عصرهم المظلم، ربما لاستمر الاحتلال مزيداً من الوقت، فقد كانوا ظهراً حامياً وواقياً له..!! كما يأتي خطابهم السياسي عبر ألعوبتهم في مجلس الرئاسة المنتحل صفة رئيس الجمهورية، معززاً بالكهن والكذب والادعاء الاحتفائي بذكرى الثلاثين من نوفمبر، في ذات السياق الذي يحاول شغل الناس بأكاذيب الولاء للوطن ولوحدته، بينما هم في حقيقة أمرهم لا علاقة لهم بشيء من ذلك، وكثيراً ما لمحوا وصرحوا باكتفائهم باستمرار ضمان ما تحت أيديهم من سلطة وقوة في شمال الشمال، ولا وجود لوحدة اليمن في أدبياتهم وأهدافهم، ولا حتى في أحلامهم الاستيطانية في الوقت الراهن..!!