محلي

الوحدة اليمنية.. إرادة شعب وإرث قيادة تاريخية

اليمن اليوم - خاص:

|
قبل 6 ساعة و 14 دقيقة
A-
A+
facebook
facebook
facebook
A+
A-
facebook
facebook
facebook

في كل عام، تطل ذكرى الثاني والعشرين من مايو لتذكر اليمنيين بحلم كبير تحقّق ذات يوم، رغم وعورة الطريق وضجيج المعارضين، وماتزال الوحدة اليمنية بعد أكثر من ثلاثة عقود، صامدة في وجه العواصف، تحرسها إرادة شعب لا تنكسر، وإرث قيادة تاريخية، وضعت مصلحة اليمن فوق كل الحسابات.

لقد كانت الوحدة اليمنية أكثر من اتفاق سياسي، كانت انعكاسًا لحلم شعبي متجذر، وصرخة وعي وطني اجتاحت ضمير اليمنيين في شمال البلاد وجنوبها، ففرضت نفسها على الواقع بقوة الإرادة وصدق الانتماء. ولم يكن هذا الحلم ليتحقق لولا القيادة الشجاعة للرئيس الراحل علي عبدالله صالح، الذي أدار واحدة من أعقد التحولات السياسية والاجتماعية في تاريخ اليمن المعاصر، بقدر عالٍ من الجرأة والبصيرة.

منذ اللحظة الأولى، أدرك صالح أن الوحدة ليست مغامرة عابرة، بل مسؤولية وطنية تتطلب التحدي والتضحية، فشق الطريق رغم حقول الألغام السياسية والإقليمية، وتعامل مع المتغيرات بتوازن، وبحث عن النقاط المشتركة بين شطري الوطن، ليدفع في النهاية بمشروع الوحدة إلى النور، متحديًا كل موروثات الانقسام والوصاية والتجزئة. لقد قدّم تنازلات جسيمة، وقبل صيغًا انتقالية في سبيل تحقيق الهدف الأكبر: يمن واحد يتسع لجميع أبنائه.

وكان ذلك اليوم المجيد، 22 مايو 1990، تتويجًا لنضالات طويلة ومخاضات صعبة، اختصرها الرئيس صالح في خطاب وطني تاريـخي، أعلن فيه ميلاد الجمهورية اليمنية على أساس وحدة اندماجية، لم تكن مفروضة من الخارج، بل مطلبًا شعبيًا خالصًا، حملته حناجر اليمنيين في المدن والقرى، ورسمته دماء الشهداء في معارك التحرر والثورة.

لم تكن رحلة ما بعد الوحدة سهلة، فقد واجه اليمن الموحدة أعاصير سياسية واقتصادية وعسكرية، من حرب الخليج، إلى عودة ملايين المغتربين، ثم الفتن الداخلية والصراعات الأيديولوجية، وصولًا إلى محاولة الانفصال في 1994، وما تلاها من تحديات لاحقة تمثلت في موجات الإرهاب، والانقسام، والانقلاب، والحرب الشاملة. لكن صخرة الوحدة صمدت، لأنها لم تكن مجرّد شعارات، بل مشروع متكامل انحاز له الشعب، وحمته قيادة سياسية آمنت به، على رأسها الرئيس علي عبدالله صالح.

ورغم أن البعض حاول لاحقًا شيطنة الوحدة، إلا أن التاريخ لا ينسى أن قرار تحقيق الوحدة لم يكن نتيجة صفقة آنية، بل خيارًا استراتيجيًا لقائد وطني استشرف المستقبل، وفضّل أن يكون قائدًا لوطن موحد، لا زعيمًا لشطر منقسم.

واليوم، فيما تتكالب المؤامرات لإعادة اليمن إلى ما قبل مايو 1990، تزداد الحاجة إلى استلهام تلك اللحظة الفارقة، واستعادة الوهج الوطني الذي جعل من اليمن بلدًا واحدًا وشعبًا موحدًا. فالوحدة لم تُبنَ على الورق فقط، بل على دماء وتضحيات وجهد رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه.

الوحدة اليمنية باقية، لأنها نبتت من جذور الأرض اليمنية، وروتها دموع الأمهات وآمال الأجيال. وهي اليوم ليست فقط إنجازًا سياسيًا، بل مقاومة يومية في وجه مشاريع التفتيت، وأملٌ حيّ في أن تعود الدولة اليمنية قوية، كما أراد لها بُناة الوحدة، وكما نادى بها ملايين اليمنيين في كل زمان ومكان.

جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية
جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية