محلي

مصر تفتتح "الهرم الرابع".. المتحف المصري الكبير صرح حضاري يربط الأهرامات بالمستقبل

القاهرة - اليمن اليوم

|
قبل 4 ساعة و 46 دقيقة
A-
A+
facebook
facebook
facebook
A+
A-
facebook
facebook
facebook

في مشهد مهيب يختصر آلاف السنين من العبقرية، افتتحت مصر اليوم المتحف المصري الكبير (GEM)، الذي يُعد أضخم وأهم المشاريع الثقافية في العالم، والأكبر على الإطلاق المخصص لحضارة واحدة. لم يعد المتحف مجرد مبنى لحفظ الآثار، بل تحوّل إلى "مشروع وطني عالمي الهوية"، يجسد روح مصر الخالدة ويعيد صياغة العلاقة بين الماضي والحاضر بلغة التكنولوجيا والرؤى المعمارية الحديثة.

 الموقع والرمزية: امتداد طبيعي لميراث الأجداد

يقع المتحف عند هضبة الجيزة، في موقع استراتيجي نادر يضعه على خط بصري ومعماري واحد مع الأهرامات الثلاثة، وكأنه امتداد طبيعي للميراث الذي تركه المصري القديم. هذا الاختيار ليس صدفة، بل يعكس فلسفة المشروع ليكون "الهرم الرابع"، الذي يربط بين أعظم ما شيّده الإنسان في الماضي وأعظم ما يبنيه في الحاضر.

يستلهم التصميم المعماري للمتحف روح الحضارة المصرية القديمة، حيث تتجاور الرموز الفلكية مع الهندسة الدقيقة في تناغم مذهل. وفي ساحة المدخل، يستقبل الزوار تمثال رمسيس الثاني الشامخ بارتفاع يزيد على 11 مترًا، بينما تتألق في الردهة الكبرى المسلة المعلّقة الوحيدة في العالم بوزن 110 أطنان، ليصبحا أيقونات للمتحف وبوابتين لعالم الحضارة.

 محتوى استثنائي: كنوز توت عنخ آمون ومراكب خوفو

يمتد المتحف على مساحة تقارب نصف مليون متر مربع، ويضم ما يزيد على 100 ألف قطعة أثرية تغطي جميع عصور الحضارة المصرية القديمة. ويكمن التميّز الأبرز في محتواه:

 كنوز توت عنخ آمون: يضم المتحف للمرة الأولى في التاريخ جميع مقتنيات الملك الشاب، أكثر من 5992 قطعة وكنزًا ملكيًا، بما في ذلك القناع الذهبي الشهير، تُعرض في مكان واحد لتقدم تجربة سردية وبصرية فريدة.

 مراكب الملك خوفو: يحتضن المتحف أقدم وأضخم مراكب خشبية في التاريخ، والتي عُثر عليها مفككة وأعيد تركيبها بعناية مذهلة دون استخدام مسمار واحد، لتشهد على عبقرية الهندسة المصرية القديمة.

 منشآت تفاعلية ورؤية للمستقبل

المتحف المصري الكبير ليس قاعة عرض صامتة، بل هو منصة حوار إنساني شاملة وجسر يربط الماضي بالمستقبل. وتُكمل التجربة المذهلة مجموعة من القاعات التفاعلية التي تستحضر روح الحضارة المصرية بأحدث التقنيات.

يوفر المتحف لزواره أحدث تقنيات العرض الرقمي والواقع المعزز، ليتمكنوا من مشاهدة المعابد كما كانت قبل آلاف السنين، أو التجول في المدينة الغارقة تحت مياه الإسكندرية القديمة. كما يضم المتحف مركز ترميم عالمي يُعد الأكبر في الشرق الأوسط، ومكتبة بحثية متخصصة، ومرافق تعليمية، بالإضافة إلى قاعات للمؤتمرات والمعارض المؤقتة، ليكون فضاءً حيًّا للتفكير والبحث والإبداع.

 الافتتاح: رسائل حضارية ودعم رئاسي

تعود فكرة إنشاء المتحف إلى أواخر التسعينيات، لكن الإرادة السياسية والدعم المباشر من الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي أكد أن المتحف ليس مشروعًا ثقافيًا فحسب بل "رسالة حضارية تقدّمها مصر للعالم"، هو ما ضمن إتمام المشروع رغم التحديات المعقدة.

في حفل الافتتاح الذي شهد حضورًا رفيع المستوى من قادة دول ومنظمات ثقافية دولية، تم التأكيد على أن المتحف يمثل قوة ناعمة تعيد صياغة صورة مصر عالميًا. وشدد الرئيس السيسي في كلمته على أن "السلام هو الطريق الوحيد لبناء الحضارات"، مؤكداً على رمزية قانون "ماعت" الذي وضعه المصري القديم كأول إعلان لحقوق الإنسان والعدل والنظام.

 خلاصة: عهد جديد بين مصر والإنسانية

يفتح المتحف أبوابه اليوم ليعلن أن الحضارة المصرية لا تزال مصدر إلهام للبشرية. فمن أول معاهدة سلام (معركة قادش) إلى أول إعلان لحقوق الإنسان (قانون ماعت)، تؤكد مصر المعاصرة أن تراثها طاقة تُستمد منها القوة لبناء المستقبل.

المتحف المصري الكبير ليس نهاية الحكاية، بل بدايتها الجديدة. إنه إعلان جديد عن الدور الذي تلعبه مصر في صياغة الوعي الإنساني، وعن قدرتها على إبهار العالم بالفكر والمعرفة والإنسان، لتظل القاهرة "قلب التاريخ وعقله وروحه".

بيانات سريعة عن المتحف المصري الكبير:

 الموقع: هضبة الجيزة، على خط واحد مع الأهرامات الثلاثة.

  المساحة الكلية: نحو 500,000 متر مربع.

  عدد القطع الأثرية: أكثر من 100,000 قطعة.

  مقتنيات توت عنخ آمون: 5992 قطعة تُعرض كاملة للمرة الأولى.

 الرؤية: مركز عالمي للحضارة والحوار الثقافي، ومنصة لتقديم التاريخ الإنساني برؤية معاصرة.

 

 

جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية
جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية