كشفت مصادر سياسية عن تصدع جديد داخل المجلس السياسي الأعلى التابع لمليشيا الحوثي، بعد رفض الأجهزة الأمنية تنفيذ توجيهات صادرة من أحد أعضائه، سلطان السامعي، تقضي بإطلاق سراح المعتقلين على خلفية الاحتفاء بثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر ورفع العلم الجمهوري.
وكان السامعي، في خطوة وُصفت بأنها اختبار لحدود صلاحياته داخل المجلس الحوثي، قد وجه بإطلاق سراح المحتجزين وتكريمهم وشكرهم على ما اعتبره "تعبيراً عن حبهم لوطنهم وثورتهم"، في محاولة لإظهار موقف معتدل من الاعتقالات التي أثارت موجة غضب في الأوساط الشعبية.
غير أن توجيهاته قوبلت برفض صريح من القيادات الحوثية الأمنية، التي اعتبرت قراراته "غير ملزمة" وتجاوزاً لصلاحياته، فيما شنّ ناشطون مقربون من الجماعة حملة تشكيك في سلطاته، واصفين تصريحاته بأنها "شخصية ولا تمثل موقف القيادة العليا".
وفي تعليق على ذلك، دعا البرلماني عبده بشر – المقيم في صنعاء – إلى تنفيذ توجيهات السامعي فورًا، مؤكدًا عبر منصة "إكس" أن تجاهلها يُعد مخالفة دستورية، قائلاً:"على الأجهزة الأمنية تنفيذ توجيهات عضو المجلس السياسي الأعلى بإطلاق سراح معتقلي 26 سبتمبر أو الإيضاح عن أسباب عدم التنفيذ، وإلا فليُحلّ المجلس والاكتفاء بجهابذتكم".
ويعد هذا الخلاف الأحدث ضمن سلسلة صراعات داخلية متصاعدة بين أجنحة الجماعة الحوثية، خاصة بعد موجة الانتقادات التي واجهتها إثر حملات الاعتقال الواسعة في سبتمبر الماضي بحق مواطنين شاركوا في فعاليات رمزية لإحياء ذكرى ثورة 26 سبتمبر، شملت رفع العلم الوطني أو إشعال الشعلة في عدد من المحافظات.
ووفق تقارير حقوقية، طالت تلك الحملة أكثر من 300 شخص في 13 محافظة، بينهم 26 طفلاً، إضافة إلى محامين وصحفيين وأكاديميين ووجهاء محليين، أبرزهم المحامي عبدالمجيد صبرة والكاتب أوراس الإرياني والصحفي ماجد زايد، الذين ما يزالون رهن الاعتقال في أماكن مجهولة.
كما كشفت تقارير محلية أن عناصر المليشيا نفذوا تفتيشات مهينة بحق فتيات في نقاط تفتيش بالعاصمة صنعاء خلال الفعاليات، في انتهاك واضح للكرامة الإنسانية والاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق المرأة.
ويرى مراقبون أن تجاهل قيادة الحوثيين لتوجيهات السامعي وتكثيفها لحملات القمع، يعكس تصاعد الخلافات داخل المجلس السياسي الأعلى وتفكك التحالفات الهشة بين أجنحته، في ظل تصاعد الغضب الشعبي ضد سياسات الجماعة القمعية واحتكارها للسلطة والقرار.