تصاعدت موجة الغضب الشعبي في محافظة حضرموت، شرقي اليمن، مع تواصل الاحتجاجات في مدينة المكلا ومديريات ساحل حضرموت، احتجاجًا على تدهور الخدمات الأساسية، وفي مقدمتها الكهرباء والمياه، وسط اتهامات مباشرة للسلطات المحلية بالتقاعس، وتلميحات إلى وجود تواطؤ سياسي أدى إلى تفاقم الأزمة.
وشهدت المكلا، مساء الإثنين، احتجاجات غاضبة شلّت حركة المرور في عدد من الشوارع، حيث أقدم محتجون على إشعال الإطارات وقطع الطرقات، في وقت أعلنت فيه مؤسسة الكهرباء عن توقف المولدات بشكل كلي نتيجة نفاد الوقود، ما أغرق المدينة ومدن الساحل في ظلام دامس. وتزامن ذلك مع ارتفاع حاد في درجات الحرارة، وتدهور الوضع الصحي والمعيشي للمواطنين، خاصة في المناطق الفقيرة والمكتظة.
وفي أول رد فعل رسمي على الأزمة، وجّه عضو مجلس القيادة الرئاسي عيدروس الزُبيدي الحكومة والبنك المركزي باتخاذ إجراءات عاجلة لتأمين كميات كافية من الوقود، وإعادة تشغيل محطات الكهرباء في عدن وحضرموت، محذرًا من انهيار شامل في الخدمات إذا استمرت الأوضاع على حالها.
من جانبها، حمّلت قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي في حضرموت، السلطة المحلية "بطرفيها المتصارعين"، ومجلس القيادة الرئاسي، المسؤولية المباشرة عن تدهور الأوضاع، متهمة الأطراف السياسية بإدخال صراعاتها إلى مؤسسات الدولة وتعطيل الخدمات العامة.
وأكد المجلس دعمه الكامل للمطالب الشعبية المشروعة، داعيًا المواطنين إلى ضبط النفس وحماية الممتلكات العامة وعدم الانجرار إلى أعمال فوضوية.
وفي السياق ذاته، أصدر حلف قبائل حضرموت بيانًا ندد فيه بما وصفه بـ"الانهيار الكامل للخدمات الأساسية"، وخصوصًا الكهرباء، محمّلًا أطرافًا لم يسمها مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع. ودعا الحلف إلى تحرك فوري لإنقاذ المحافظة، مجددًا مطالبته بتطبيق مشروع الحكم الذاتي كحل جذري لمعاناة المواطنين المستمرة، محذرًا من خطوات تصعيدية قريبة "ما لم يتم التجاوب مع المطالب المشروعة لأبناء حضرموت".
ويرى مراقبون أن عودة التوتر إلى حضرموت، وخاصة في المكلا، تعكس عمق الأزمة بين المكونات السياسية والاجتماعية في المحافظة، وسط غياب حلول مستدامة، وفشل متكرر في إدارة الملفات الخدمية والمالية. كما حذروا من أن استمرار تجاهل المطالب الشعبية قد يؤدي إلى تفاقم الوضع الأمني وخروج الأمور عن السيطرة، في واحدة من أهم المحافظات اليمنية الغنية بالثروات.
وتُعد حضرموت من أبرز المحافظات التي حافظت على استقرار نسبي خلال سنوات الحرب، غير أن الانقطاعات المتكررة للكهرباء، وغياب الخدمات، والاتهامات المتبادلة بين الأطراف المحلية، بدأت تُنذر بانفجار شعبي واسع، يهدد بإعادة رسم خارطة التوازنات داخل المحافظة، وربما على مستوى الجنوب بشكل عام.