كشفت مصادر سياسية واقتصادية أن إقدام مليشيا الحوثي على سك وطباعة فئات نقدية جديدة لا يعكس احتياجًا فعليًا أو يأتي كبديل للعملة التالفة كما تزعم، بل يندرج ضمن مخططاتها لطمس الهوية الجمهورية، وإحلال هوية نقدية جديدة تحمل بصمتها وتفرضها على الشعب اليمني.
وأوضحت المصادر أن عمليات سحب العملة الوطنية من الأسواق لم تعد تقتصر على استبدال الفئات النقدية الموازية للفئات التي قامت المليشيا بإصدارها مؤخرًا، بل تجاوزتها إلى سحب مختلف الفئات النقدية المتداولة، في خطوة وصفها المراقبون بأنها تستهدف محو الهوية النقدية المرتبطة بالدولة والنظام الجمهوري من الذاكرة الوطنية.
وأشارت إلى أن أساليب المليشيا في طرح عملتها للتداول، وما يرافقها من دعوات للمواطنين لاستبدال مدخراتهم النقدية، تعكس سلوكًا لا يُقدم عليه سوى سلطات تعمل على إسقاط النظام القائم وفرض واقع بديل، لافتة إلى أن هذه الممارسات ترتبط عادة بعمليات تغيير جذري في أنظمة الحكم، وتُنفذ في العادة عبر مؤسسات الدولة الرسمية ومن خلال أدوات الإنفاق العام وصرف المرتبات، وليس عبر الإكراه الشعبي.
وأكدت المصادر أن هذا النهج غير مسبوق في تاريخ الجمهورية اليمنية منذ إصدار أول ريال يمني عقب الثورة، ولم تُقدم أي حكومة جمهورية على مطالبة المواطنين باستبدال فئات نقدية سبق طباعتها، كما تفعل المليشيا الحوثية اليوم، مشيرة إلى أن كافة الإصدارات النقدية السابقة لا تزال متداولة حتى اليوم.
من جانبهم، اعتبر مراقبون اقتصاديون أن ما قامت به المليشيا من طرح إصدارات جديدة، يمثل سابقة عبثية في المجال النقدي، ووصموها بـ"المهزلة الاقتصادية"، خاصة بعد إعلان البنك المركزي الخاضع لسيطرتها أن إصدار الورقة النقدية فئة 200 ريال (الإصدار الثاني) سيتم تداوله جنبًا إلى جنب مع الإصدار الأول، قبل أن يتراجع عمليًا عن ذلك.
ولفت المراقبون إلى أن المليشيا أقدمت عبر شركات الاتصالات على إرسال رسائل نصية (SMS) إلى المواطنين، تطالبهم صراحة باستبدال الفئات القديمة، بما في ذلك فئة 250 ريال، من خلال البنك المركزي وفروعه، وهو ما فضح زيف التصريحات الرسمية، وكشف أن العملية تدار بعقلية تسويقية لبيع سلعة، لا كمنظومة لإدارة نقد وطني رسمي.