محلي

يوليو ليس ذكرى رئيس شهيد وإنما فجر مشرق ليمن جديد.

وسام عبدالقوي

|
قبل 12 ساعة و 29 دقيقة
A-
A+
facebook
facebook
facebook
A+
A-
facebook
facebook
facebook

 اليوم لم تعد تمر ذكرى وطنية دون أن يكون الرئيس الشهيد علي عبدالله صالح حاضراً فيها وجزءاً لا يتجزأ من أهم تفاصيلها، حتى بالنسبة للأحداث والمناسبات التي سبقت اعتلاءه كرسي الحكم في العام 1978

 والأكثر لفتا للانتباه أنه ليس محبوه وأفراد حزبه المؤتمر الشعبي العام مثلاً هم وحدهم من يشعرون بذلك ويؤكدونه فحسب، بل قد جعلت المتواليات التي شهدها الوطن، من بعد استشهاده على يد المليشيا الانقلابية الإجرامية، حتى من كانوا خصوما له أو على خط المنتصف بين تأييده وبين مخاصمته، ينجرفون، بإنصاف وقناعة مطلقين، من مناسبة لأخرى ومن ذكرى لأخرى، بل ومن يوم لآخر، في سياق تذكره وطوفان ذكرياته، وبالتالي ينضمون مجبرين إلى مسار الشعور الكبير بفداحة خسارته وعظم جريمة الغدر به وتصفيته من قبل مليشيا الحوثي الإنقلابية..

 

نعم لم يعد في اليمن اليوم من يستطيع أن يتذكر مناسبة وطنية أو يمر بذكرى حدث وطني أو جماهيري أو ديمقراطي، دون أن يبرز أمامه الزعيم صالح شاخصاً، وكأنما هو معادل موضوعي لليمن الذي فرحنا زمنا به وبإنجازاته، واحتفلنا مراراً وتكراراً بسؤدده وباقترانه أخيراً بوصفه التاريخي (يمناً سعيداً) في مرحلته وعهده، فليس من مرحلة في اعتقادي قد انطبق عليها هذا الوصف أليق وأجدر من المرحلة التي قادها وقاد الوطن فيها صالح إلى معانقة أحلام الرفعة والسمو.

 وحسبنا أنها المرحلة التي شعرنا بأنها وضعت أهداف ثورتي سبتمبر واكتوبر نصب عينيها، واعتبرتها قياساً لكل عمل تقوم به، ومسطرة لكل إنجاز تحققه..

 

وهذا هو حالنا وحال الفئة الغالبة من أبناء اليمن شمالاً وجنوباً، شرقاً وغرباً اليوم.. وكم أثبت الزعيم صالح رحمه الله ولا يزال حتى اللحظة يثبت أنه الرئيس الذي بث شعوراً لدى كل اليمنيين بأنه ينتمي إلى كل منطقة بل كل شبر من أرض اليمن.. لقد كان يمنياً أصيلاً.

جاء من صفوف الشعب ليقول لكل العالم من حوله، أنا كل هذا الشعب الذي ذاق مرارات الفقر والتأخر والعوز والتقهقر التاريخي لعقود بل لقرون من الزمن، وقد حانت لحظة النجاة، وأزف موعد التعويض، تعويض الجراح بالأفراح، والخسارات بالمكاسب، والتأخر بالقفز أماما بكل قوة وسرعة.. وهو ما فعله حقاً، وهو يضيف من لحظة لأخرى منجزاً جديداً في نهضة الوطن وبنائه وإسعاد أهله السعادة التي ظلوا قروناً يحلمون بها..

 

في كل مناسبة يمر اسم صالح كرديف لاسم الوطن في مختلف المناسبات والذكريات.. فما بالنا حين تطل علينا ذكرى تحمله المسؤولية التي كانت بمثابة انتحار، في تلك الظروف القاهرة التي كانت أبرز صفاتها التهام كل من يحلم بأن يخطو بالوطن خطوة إلى الأمام. لقد فعلها الزعيم يومها فبدا وكأنه تقدم إلى هذه المهمة حاملا رأسه في يديه.

 وفي حين كان الجميع ينتظرون سقوط تلك الرأس في أسرع وقت، وسقوطه هو شهيداً وضحية لما كان البعض يراه تهوراً بينما يراه البعض الآخر إقداماً.. انتصر للبعض الآخر وقاد سفينة الوطن، محققاً من المنجزات لهذا البلد وأهله، ما لم يكن في حساب أكثر اليمنيين تفاؤلاً فما بالنا بالمتشائمين..؟!

 

لم يرفض (ابن اليمن البار) (كما كان يحب أن يُسمى)، فكرة الشهادة والتضحية بنفسه وبرأسه، ولكنه كان يرفض أن تتم قبل أن يحقق الكثير والكثير من استحقاقات وأمنيات أبناء وطنه، مسترشداً بثورتي سبتمبر واكتوبر وأهدافهما، فقدم مفاجآت نجاحه على قدر غير محدود من العزيمة والبأس والإصرار، ليفعل بكل جدارة ما لم يفعله سابقوه ولا لاحقوه حتى الآن أيضاً.. لقد طابت له كثيراً فكرة الاستشهاد في سبيل الوطن، ولكنه فضل أن يتأخر في ذلك قليلاً، حتى ينجز ما تعهد به لنفسه ولأبناء وطنه، وبعد أن فعل ما لم يكن في حسبان أحد من البناء والتنمية والتطوير، وصولاً إلى التنافس مع أغنى البلدان وأكثرها تقدما في المنطقة.

قدم رأسه مجدداً فداء لليمن واليمنيين وهو يواجه أعداء البناء والتقدم من الكهنوتيين الرجعيين، وليوصل رسالته الأخيرة لكل اليمنيين بأن يدافعوا عن وطنهم من كل يد آثمة تطوله، وأن يحموا منجزاتهم ومكتسباتهم هم وليس منجزاته ومكتسباته هو..!!

وهكذا لعمري يمضي الأبطال الأحرار.. لقد رفض كل عروض السلامة والفرار من وجه بغاة الحوثي المحتلين، ولم يكتف بحمل سلاحه والانشغال بالدفاع عن نفسه وحسب.. بل كان يلتفت بين فينة وأخرى إلينا كشعب وهو يقاوم ويقاتل، ليحثنا على حماية وطننا ومكتسباته التي لم تتحقق إلا بأثمان باهظة من المشقة والكفاح والزمن.. لم يطلب منا أن نصطف إلى جواره ونقاتل معه جنباً إلى جنب.. وإنما بدا وكأنه يقاتل نيابة عنا، نيابة عن أكثر من ثلاثين مليون يمني، كانت رسالته الأخيرة إليهم: فقط اعتنوا بأنفسكم وبوطنكم من بعدي..

رحمك الله أيها الزعيم الفدائي.. وإن لم تمت حقاً.. فأنت حي ترزق في صدورنا وتخلد في ذاكرتنا كما لم يخلد قائد وزعيم من قبلك، ولا أظن أحداً سيستطيع من بعدك..!

 

جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية
جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية