بقليل من الهدوء والتدبر وجمع أوراق ومتعلقات الحاصل في المنطقة الآن، وتحديداً ما يخص النظام السرطاني الإيراني وأذرعه الملوثة بالتآمر أو المشاركة في التآمر القذر ضد العرب ودولهم في المنطقة، وباستحضار الجانب الاستخباراتي كفاعل أساسي في كل مجريات الواقع السياسي والاستراتيجي في المنطقة.. سنكتشف أن نظام الملالي الفاسد كان يعلم مسبقا ومنذ وقت غير قصير، بأن ما يجري بينه وبين الكيان الإسرائيلي الآن سيحدث، وأنه بدلاً من أن ينتظره، باشر في محاولة تغيير مساراته وإيجاد أسباب؛ إن لم يكن لإيقافه فلتأخيره أو التقليل من أثره..
وبما أنه يمتلك الأسباب والمؤثرات التي يمكن أن تحقق ذلك، ولو بإحداث كتلة من الأحداث الفوضوية وغير المتوقعة في المنطقة، لشغل إسرائيل ومن يقف وراء إسرائيل، فقد لجأ لهذا التوجه قاصداً متعمداً.. وبما أن أطرافه وسكاكينه في العراق وسوريا ولبنان قد أصبحت مستهلكة ومثلمة إلى حد كبير، فقد كانت مليشيا الحوثيين التابعة له في اليمن، هي الأنسب للاستخدام، والأقدر على إحداث رعشة لا بأس بها لتغيير ما تذهب الأحوال، وما ينتظره من مواجهة مدبرة، ليس من قبل إسرائيل وحسب، وإنما أيضا من أولياء نعمته في واشنطن ولندن، بغرض كبح جماحه وتذكيره بحجمه وبأنه يتجاوز ما أوتي به من أجله..!!
وبما أنه لم يكن بيده إلا أن يحاول الدفاع عن وجوده، أياً كانت النتائج والأضرار، فقد سارع في تحفيز وتحريض مليشياه في اليمن لإحداث الشواغل الكافية والكفيلة بلفت انتباه وأنظار إسرائيل ومن يقف وراءها (أمريكا وبريطانيا)، وذلك بافتعال أزمة القرصنة البحرية تلك، التي مارستها عصابة الحوثيين في المياه اليمنية، داعماً لها بالتعزيزات والأدوات والأسلحة المناسبة المهربة عبر مياه وأراضي إحدى دول الجوار.. وبذلك استطاع النظام الإيراني شغل إسرائيل وأمريكا وبريطانيا وكل دول وأنظمة بل وشعوب المنطقة، طوال أكثر من عام بعمليات قرصنة بحرية، تحت يافطة قومية مصيرية عنوانها دعم غزة والوقوف بوجه الكيان الإسرائيلي المحتل..!!
دول الغرب وتحديداً الدول الضالعة في أزمات المنطقة بدرجة أساسية، لم تكن بعيدة عن قراءة المستجدات وفهمها من عمقها المناسب، وقد وجدت في تلك التحركات القرصانية، غاية جديدة تصب في صالحها، وتكفل لها أو تنوب عنها في مشروعها الكبير، المتمثل في التحكم بخطوط التجارة العالمية، بين المشرق والمغرب، بحكم الموقع الاستراتيجي الهام الذي تجري فيه أحداث القرصنة الحوثية، والذي يعد موقعا تجارياً مهما بين الشرق والغرب.. لذا فقد وافقت أعمال القرصنة هواها، وباشرت في المساهمة في صناعتها والترويج لها على مستوى دولي وعالمي.. مستغلة إياها لتصبح خطاً أو خطوة فاعلة ومجدية في مخططها الاستغلالي الكبير في المنطقة..