أكدت تقارير أصدرتها أخيراً منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة "الفاو" وبرنامج الأغذية العالمي "التابع للأمم المتحدة" أن الغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل خلال شهري أبريل ومايو تسبّبت في تدمير البنية التحتية للموانئ في شمال اليمن، ما أدى إلى انخفاض كبير في قدراتها التشغيلية.
وحذّرت تلك التقارير من أن الأضرار الكبيرة التي سبّبتها الضربات الجوية لموانئ محافظة الحديدة الثلاثة على البحر الأحمر (الحديدة، الصليف، رأس عيسى)، قد تؤدي إلى تفاقم أزمة انعدام الأمن الغذائي نتيجة لتقليص القدرات الخاصة بمناولة الشحنات الإنسانية والتجارية.
وأوضحت "نشرة السوق والتجارة" الصادرة عن منظمة الفاو أن واردات القمح عبر ميناء الحديدة انخفضت في أبريل 2025 بشكل ملحوظ مقارنةً بالشهر السابق وأبريل 2024، مقابل استقرار الواردات في ميناء عدن.
وبالمثل انخفضت واردات الوقود على أساس شهري في ميناء رأس عيسى، لكنها استقرت في ميناء عدن.
وعزا التقرير الانخفاض الملحوظ في الواردات في الموانئ الشمالية الخاضعة لسيطرة الحوثيين، بشكل رئيسي إلى تضرّر وتدهور البنية التحتية للموانئ وانخفاض سعة تفريغ البضائع نتيجة الغارات الجوية المستمرة على مدار الأشهر السبعة الماضية.
وبات اليمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين معزولون عن العالم الخارجي بعد تدمير مطار صنعاء الدولي وهو المنفذ الجوي الرئيسي، وموانئ محافظة الحديدة، ما سيفاقم من الأزمة الإنسانية التي تصنّف بين الأسوأ في العالم.
ورداً على إطلاق الحوثيين الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة باتجاه الأراضي الإسرائيلية، على خلفية الحرب في قطاع غزة، تشن إسرائيل غارات جوية متعددة واسعة النطاق على أهداف للحوثيين في اليمن.
ويسيطر الحوثيون على موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى، ويستخدمونها كمراكز للعمليات العسكرية وتهريب الأسلحة والوقود والبشر.
ويستورد اليمن ما يقرب من 80% من إمداداته الغذائية عبر ميناء الحديدة. ويعني تعطيل الميناء الذي خرج عن الخدمة بشكل كامل أن سكان شمال اليمن بالكامل، والذين يشكلون ما بين 65 و70% من السكان، سيكونون في حاجة إنسانية متزايدة.
ويعتبر ميناءا الصليف ورأس عيسى من أهم المنافذ البحرية لاستيراد المواد الأساسية، وقد أدى استهدافهما إلى تضرّر العملية التشغيلية، وسط تحذيرات أممية من تفاقم الكارثة الإنسانية في حال استمرار الاستهداف والحظر.
وأعلنت "مؤسسة موانئ البحر الأحمر اليمنية" التي يديرها الحوثيون أن الغارات الجوية طالت البنية التحتية والمنشآت التشغيلية للموانئ المدنية، وتسبّبت بخسائر مباشرة وغير مباشرة تجاوزت مليار و387 مليون دولار، منها أكثر من 531 مليون دولار أضرار مباشرة، و856 مليون دولار خسائر غير مباشرة نتيجة توقف الخدمات وتعطل تدفق الإمدادات.
وأكدت في بيان أن الغارات تسببت بتدمير الأرصفة (1، 2، 5، 6، 7، 8)، ورافعتين رئيسيتين، ومحطات كهرباء ومولدات، ومرافق خدمية ولوجستية، بما في ذلك الأرصفة العائمة والقاطرات والمستودعات، التي كانت مخصصة لتفريغ المواد الغذائية والإغاثية والدوائية.
وبعد عشر سنوات من الحرب، لا يزال اليمن يعاني من إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم. ويقدّر عدد النازحين حاليًا بنحو 4.5 مليون شخص، أي ما يعادل 14% من السكان، وقد نزح معظمهم عدة مرات على مدار عدة سنوات.
ويحتاج أكثر من 18.2 مليون شخص بشدة إلى المساعدات الإنسانية وخدمات الحماية. ولم يكن خطر المجاعة واسعة النطاق في البلاد أكثر حدة من أي وقت مضى.
ويعيش عشرات الآلاف بالفعل في ظروف أشبه بالمجاعة، ويعاني خمسة ملايين شخص آخرين، وهو رقم مذهل، من انعدام الأمن الغذائي الحاد.