أيام قليلة تفصل الجمهورية اليمنية عن موعد إضاءة الشعلة ال62 من عمر ثورة ال 26 من سبتمبر المجيدة، مناسبة وطنية توقظ في اليمنيين اليوم القناعات بأن مواصلة السكوت على سيطرة الميليشيا للعاصمة صنعاء خطأ جسيم.
كما أن تمجيد البعض لشخص الحوثي واعتباره بمكانة " القلب والكبد - حق الدجاج - لليمن والشعب" خطيئة كبرى تتنافى مع قيم ومبادئ الثورة اليمنية وتسيء لنضالات الأجداد والآباء وتضحياتهم العظيمة في سبيل تحقيقها .
دأب الحوثي وأتباعه خلال السنوات الماضية على تقديم نفسه لليمنيين على أنه الوصي وصاحب الحق الإلهي في الأمر والنهي وابن الرسول .
وفي المقابل عليهم تقديسه والانصياع له إن كانوا حقا يؤمنون بالله ورسوله وينشدون رضاهما !.
طبقا لأول أهداف الثورة فإن الحوثي ليس إلا أحد مخلفات الاستبداد التي تحرر الشعب منها لكنه يحاول تكبيلهم مجددا بقيودها وتسييرهم كالقطيع إلى حظيرة مسيرته مع إعادة الفوارق والامتيازات المذهبية والطبقية فيما بينهم بعد عقود من زوالها وإزالتها.
عندما يصرخ أحد اتباع الميليشيا إن على الشعب موالاة أولياء الله واتباع ولي الله.." يقصد - الحوثي - وليس في المسألة حرية أو اختيار لأنها مرتبطة بجنة و نار "!.. ذلك يعني أن على الشعب الاستعداد لفصل جديد من العبودية أو أن يحسم أمره في القرار والاختيار بين عز الجمهورية أم ذل الملكية ؟!.
تتعرض ثورة سبتمبر وأهدافها السامية والموحدة للأرض والإنسان اليمني إلى انتكاسات غير مسبوقة ولا مثيل لها على مدى أزيد من نصف قرن.
ثورة باتت بحاجة اليوم إلى التجدد واستحضار العنفوان السبتمبري الحميري بالقول والفعل المقاوم بشدة لمحاولات التراجع عنها والرفض لمكائد تشويه حقائقها والتشكيك بأهمية وجودها في ماضي وحاضر ومستقبل الشعب.
كان واضحا أن الميليشيا تعمدت استباق مناسبة ثورة 26 سبتمبر 1962م، الوطنية الأصلية بأخرى مزورة ملفقة عبر استيلائها بقوة السلاح على العاصمة في سبتمبر 2014م.
منذ ذلك اليوم اراقت الميليشيا دماء اليمنيين الابرياء بدم بارد من أجل بلوغ مشروعها الكهنوتي الطائفي السلالي العنصري .
وفي هذا الشهر من كل عام تسعى بكل الوسائل الممكنة الى التظاهر بأن الناس تحتفل ب21 سبتمبر وتعتبرها مناسبة الأمر الواقع وقوة القوة !.
ومنذ ذلك اليوم يعتقد الحوثي في كهفه أنه المنقذ للوطن وأن الشعب يبجله لأنه أخرجهم من الظلمات إلى النور !.
لولاه لاستمرت البلاد تنعم بالأمن والاستقرار والرواتب موجودة والأعمال مزدهرة والأحوال تمام والحمدلله ماشي الحال ..كل هذه المؤامرات الكونية وغيرها الكثير يفخر الحوثي بأنه قضى عليها تماما في ليلة 21 !.
ومع كل هذا الذي حدث ويحدث هل تسائل الحوثي بينه وبين نفسه عند حلول ذكرى يوم السادس والعشرين من سبتمبر سنويا وهو يرى تفاعل الشعب و ابتهاجهم بعيدهم الوطني ..هل تسائل عن الفرق بين النثرة والثورة ؟!