آراء

جريمة وليست حادثة..!!

جميل العمراني

|
06:00 2024/03/21
A-
A+
facebook
facebook
facebook
A+
A-
facebook
facebook
facebook

من الغباء الكبير التجادل حول تفاصيل جريمة تفجير المنازل في البيضاء وما إذا كان الضحايا الذين زهقت أرواحهم كانوا في المنزل المستهدف أو المنزل المجاور.. فالنقاش حول هذه التفاصيل يعني أن مليشيا الحوثي الإرهابية (الجاني) تنجح في الالتفات بالرأي العام عن قضية مستهجنة كبرى وهي في الأساس تفجير المنازل أياً كانت ولمن كانت، إلى تفاصيل الحادثة أو الجريمة، ولاقت تجاوباً وتفاعلاً يخدمها ويبرر لجرائمها سواء من الأطراف المختلفة معها أو من قبل العامة..!!

إن التماشي مع المليشيا أحياناً والقبول بما تفرضه بطرقها الملتوية والخبيثة من مفاهيم كوصف أو تسمية ما حصل في البيضاء (حادثة)، ينم عن قصور كبير في التعاطي مع اللغة والمسميات، خصوصاً في الإعلام المضاد، وتحديداً إعلام الإطراف المنضوية تحت راية الشرعية، فالقبول مثلاً بهذا الوصف أو المسمى هو في حد ذاته شأن يصب في ساقية التبرير التي يحفرها الحوثيون ببراعة ويشقونها بطرق ذكية وغير مباشرة، ليجري فيها المحتوى المفهومي العام الذي تريده المليشيا..

عموماً وللإشارة والتوضيح أكثر فإن انتقاد المليشيا لأن ثمة أبرياء سقطوا في هذه الجريمة فقط، أمر غير مقبول بالمرة، فهو يبرر لما سوى هذه الحالة/الجريمة فيما سبق وفيما سيلي أيضاً.. ولكن ما يجب الحديث عنه بالفعل هو قضية أو جريمة تفجير المنازل عموماً، وهي البدعة السيئة التي استنتها الجماعة ولم ترتدع أو تتجاوب منذ عقد من الزمن مع انتقادها، بل على العكس حاولت ويبدو أنها تنجح في أن تكرس هذا العمل وكأنه نهج طبيعي بل وربما واجب يلزم القيام به..!!

تعمل المليشيا منذ عشر سنوات بدهاء خبيث على تطبيع نهجها العصاباتي والإرهابي وسلوكها وتصرفاتها الخارجة عن المنطق والمنافية لطبيعة الحياة، على أنها أمر يجب القيام به وليس طبيعياً وحسب، والمؤسف أن خصومها يقعون في هذا المزلق أو الفخ بسهولة رعناء..!! إننا لا نتعامل مع جريمة نادرة أو حادثة عارضة، وإنما عن جريمة كبيرة هي تفجير منازل الخصوم والتي تم خلالها حتى الآن استهداف أكثر من 900 منزل حسب تقارير أصدرتها منظمات دولية قبل الآن...!!

وبالتالي فإن اعتبار الموضوع، خصوصا في جريمة البيضاء، مجرد حادثة، أو الخوض في تفاصيله دون التعريض بكون تفجير المنازل من أصله جريمة لا يتقبلها أي قانون حياة، ولا تتوافق معها أية ثقافة أو تعاليم دينية أو إنسانية، هو إخفاق مشين من قبل خصوم الجماعة الانقلابية أولاً في التعاطي مع المجريات ومواجهة الانقلاب، كما إنه ينم عن قصور في الفهم من قبل العامة والتلقي العام، لأن نواتجه في الأول والأخير تعود منقلبة في العادة على العامة والخاصة معاً..

يجب بالضرورة التعامل مع موضوع تفجير المنازل عموماً كجريمة لا يمكن القبول بها أو غض النظر والاهتمام عنها، كما يجب أن تستحضر مثل جريمة البيضاء للتدليل على فداحتها ومخالفتها لمعظم حقوق الإنسان في الحياة والأمن والسلام، لا أن نختلف حول ما إذا كانوا ضحاياها قد قتلوا نتيجة خطأ في التقدير أو المكان أو غير ذلك، مالم فلنعترف أننا لن نستطيع أن نكون كفؤاً لمواجهة هذا الانقلاب وأن إعلامنا أفشل من أن يعري الزيف والباطل ويبلج الحقائق كما يجب أن تكون..

جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية
جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية