أجهضت الميليشيا الحوثية الموالية لإيران فرص إنهاء الحرب وتحقيق السلام في اليمن، بإصرارها على مواصلة شنّ هجمات عسكرية ضد السفن التجارية في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن، وعسكرة البحر الأحمر وإشعاله بتحويله إلى منطقة حرب ومنطقة عالية المخاطر بما يمثّله ذلك من أضرار كبيرة على الاقتصاد العالمي.
وتسبّب الحوثيون في تعطيل أي اتفاق إلى وقف إطلاق نار في عموم اليمن والتوصّل إلى تسوية سياسية شاملة على الأقل خلال العام الجاري، إذ ألحقت عملياتهم العسكرية باستخدام الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة المنطلقة من الساحل الغربي لليمن باتجاه البحر الأحمر أو محاولة استهداف إسرائيل، أكبر الضرر بالجهود الإقليمية والدولية المبذولة لإنهاء الحرب التي اندلعت منذ 9 سنوات، إذ دفع الحوثيون الولايات المتحدة والمملكة المتحدة لاتخاذ سلسلة إجراءات من شأنها تجميد الوضع الحالي في اليمن وإبقائه في حالة "لا حرب ولا سلام"، أهمها فرض عقوبات على قيادات حوثية وإعادة إدراج تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية.
وهذا الشهر زار المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن هانس جروندبرغ طهران والتقى بوزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان وغيره من كبار المسؤولين والدبلوماسيين.
وركّزت المناقشات على ضرورة خفض التوتّرات على المستوى الإقليمي، ومنع الارتداد لدائرة العنف الذي عانى منه اليمن حتى الهدنة التي توسّطت فيها الأمم المتحدة عام 2022.
وشدّد المبعوث الأممي في اجتماعاته على ضرورة الحفاظ على التقدّم المحرز نحو وقف إطلاق النار على مستوى البلاد، واتخاذ التدابير اللازمة لتحسين الظروف المعيشية لليمنيين، واستئناف عملية سياسية مملوكة لليمنيين برعاية الأمم المتحدة. وتحقيقاً لهذه الغاية، بحث المبعوث الأممي مع المسؤولين الإيرانيين سبل الحفاظ على بيئة مواتية لاستمرار الحوار البنّاء في اليمن، بما في ذلك من خلال الدعم الإقليمي والدولي المستمر والمتضافر لوساطة السلام التي تقودها الأمم المتحدة.
وقال غروندبرغ "يشجّعني الدعم الإقليمي المستمر لجهود السلام التي تبذلها الأمم المتحدة في اليمن بينما هناك الكثير ممّا يزال على المحك لـ 30 مليون يمني"، وشدّد على ضرورة التوصّل إلى حل سلمي يلبي تطلّعات اليمنيين.
والشهر الماضي أعرب رئيس قسم تيسير التجارة في مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) يان هوفمان عن قلق المنظّمة من أن الهجمات على سفن في البحر الأحمر تزيد من التكاليف على التجارة العالمية وتؤدّي إلى تفاقم الاضطّرابات التجارية الناتجة عن التوتّرات الجيوسياسية وآثار تغيّر المناخ.
وفي 25 يناير فرض مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على مسؤولين رئيسيين في قوات الحوثيين، لدعمهم أعمال إرهابية تستهدف الشحن التجاري. واستهدف الإجراء أربعة أفراد دعموا هجمات الحوثيين الأخيرة ضد السفن التجارية في البحر الأحمر وخليج عدن، بما في ذلك احتجاز أطقم مدنية كرهائن.
كما فرضت المملكة المتحدة أيضاً عقوبات على هذه الشخصيات الرئيسية في قوات الحوثيين.
وتضم قائمة الشخصيات محمد ناصر العاطفي المعيّن "وزير دفاع" الحوثيين ومحمد فضل عبد النبي المعيّن "قائد القوات البحرية" ومحمد علي القادري المعيّن "قائد قوات الدفاع الساحلي" و"مدير الكلية البحرية" ومحمد أحمد الطالبي "مدير مشتريات وزارة الدفاع" لقوات الحوثيين.
وفي 17 يناير أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية عن إدراج جماعة الحوثيين باعتبارها جماعة إرهابية مدرجة بشكل خاص، ليدخل هذا الإدراج حيّز التنفيذ بعد 30 يوماً من تاريخه.
وأوضحت في بيان أن عملية الإدراج مجدّداً تسعى إلى تعزيز المساءلة عن الأنشطة الإرهابية التي ترتكبها هذه الجماعة. وأكدت أن الولايات المتحدة "ستعيد تقييم عملية الإدراج هذه في حال أوقف الحوثيون هجماتهم في البحر الأحمر وخليج عدن".
وما برح الحوثيون يشنّون منذ نوفمبر الماضي هجمات غير مسبوقة على السفن الدولية التي تمر عبر البحر الأحمر وخليج عدن، وكذلك على القوات العسكرية المتمركزة في المنطقة للدفاع عن أمن الشحن التجاري وسلامته. وعرّضت هذه الهجمات البحارة للخطر وعرقلت التدفّق الحر للتجارة وعارضت حقوق وحرية الملاحة، وهو الأمر الذي دفع الولايات المتحدة وبريطانيا إلى شنّ هجمات جوية مكثّفة ومركّزة تستهدف منذ 12 يناير مواقع عسكرية في مناطق سيطرة الحوثيين بينها منصّات إطلاق صواريخ باليستية.