بمجرد مرورك من احدى جولات شوارع العاصمة المختطفة صنعاء، تجدهم بالمئات ملقون على ارصفتها بفعل الهموم الكبيرة التي اثقلت كاهلهم، ولم يعد يقوى على حملها حتى الرصيف، اما وجوههم فتتحدث عن مأساة أصابت أوسع فئات المجتمع في زمن حكم المليشيا، وهم العمال.
عامل البناء او صاحب الحرفة أضحى قصة لمعاناة تأزمت وتزداد شدتها مع مرور الأيام، فمعاولهم واياديهم متوقفة عن العمل لأشهر، في حين ينتظر أطفالهم واسرهم ما يجود به عرقهم من رزق.
وتقدر احصائيات نقابية، بأن عدد العاملين بالأجر اليومي يصل إلى ثمانية ملايين عامل، غالبيتهم باتوا عاطلين تماما عن العمل منذ عام تقريبا.
ويعد العمال من أكثر الشرائح التي تضررت بشكل مباشر من سياسة المليشيات الحوثية الإرهابية، لاسيما أولئك الذين في مناطق سيطرتها.
القرارات الحوثية الأخيرة التي جرى اصدارها قبل عام بخصوص عملية بيع وشراء الأراضي، أدت إلى تراجع كبير في نسبة أعمال البناء والتشييد داخل العاصمة المختطفة صنعاء وبقية المحافظات غير المحررة.
ذلك التراجع الذي يقدره اقتصاديون بنسبة 90 بالمائة، اصاب شريحة العمال بالشلل التام، الأمر الذي فاقم أوضاعهم المأساوية، ورمى بهم إلى ما دون خط الفقر.
وبصورة رئيسية استهدفت القرارات عملية بيع وشراء العقارات، حيث تضمنت زيادة في الرسوم وتعقيد الإجراءات الخاصة بتعميد أوراق الملكية وتراخيص البناء، وغيرها. تسببت بتوقف شبه تام للحركة في سوق العقار.
الحوثيون وبعد اكتفائهم من عمليات تشيبد المباني الخاصة بهم من الأموال المنهوبة والتي تم شرعنتها وادخالها ضمن عملية غسيل الاموال في سوق العقار وهو السبب في انتعاش كبير في هذا السوق طيلة ستة أعوام، أصدروا قراراتهم قبل عام ليتسببوا بركود مفاجئ لهذا السوق.
خبراء أكدوا أن تلك القرارات الى جانب استحداث هيئة تحت مسمى "المنظومة العدلية" يترأسها القيادي في الميليشيا محمد علي الحوثي، أعاقت عملية تعميد وتسجيل البصائر والوثائق المتعلقة بالعقارات لدى السجل العقاري، ما تسبب بتوقف عملية البناء، وتعطل مصالح ملايين العمال في مناطق سيطرة الحوثيين.
السياسات الحوثية لا تنفك عن تأزيم وضع المواطنين أكثر مما هو عليه، فالعمال اليمنيين وخصوصا في العاصمة المختطفة صنعاء، يشكون من الانهيار الكامل لأوضاعهم المعيشية جراء فقدانهم لمصدر رزقهم.
وبات العمال يمكثون مع معاولهم ومجارفهم، لأسابيع وبعضهم لأشهر في جولات الشوارع ينتظرون العمل لكن دون جدوى، وكل ذلك بفعل اطماع حوثية انتقامية أبرز أهدافها رفع مستوى النهب وتحصيل الجبايات، والتسبب بالمزيد من المعاناة لأبناء الشعب.