محلي

لماذا تتهرّب الحكومة من تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية رغم الدعوات الدولية؟

اليمن اليوم - خاص:

|
11:33 2023/08/20
A-
A+
facebook
facebook
facebook
A+
A-
facebook
facebook
facebook

على الرغم من الدعوات الدولية المتزايدة الموجّهة للحكومة اليمنية الشرعية لتنفيذ إصلاحات اقتصادية شاملة للخروج من الأزمة الاقتصادية الحالية، إلا أن الحكومة غير المتواجدة باستمرار في مقرّها في عدن لم تنفّذ أياً من تلك الإصلاحات منذ تشكيلها برئاسة معين عبدالملك في 15 أكتوبر عام 2018، ولم تف بوعودها المتكرّرة للشروع في تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي وخاصةً التي تطلقها عقب الحصول على دعم اقتصادي إقليمي أو دولي.

وتعزى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتدهورة في مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً بالدرجة الأولى إلى تهرّب الحكومة من تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة، ومدى تعقيد وصعوبة المشهد السياسي والأمني وتشابكه مع المشهد الاقتصادي، وانعدام الإرادة الحقيقية لتطبيق الإصلاحات وغياب المساءلة والشفافية، علاوة على الفوضى والعشوائية التي تضرب الجهاز الإداري للدولة.

وفي إطار الدعوات الدولية المتتالية للشروع في الإصلاحات الاقتصادية أكدت البعثات الدبلوماسية لكل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا في بيان مشترك أصدرته أخيراً أنها "تشجّع الحكومة اليمنية على مواصلة تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية".
وتشهد عدن ومناطق سيطرة الحكومة تدهوراً في البنية التحتية والخدمات الأساسية وأزمات متكرّرة في توفير المشتقّات النفطية والغاز المنزلي والكهرباء، علاوة على التراجع القياسي للعملة الوطنية وارتفاع أسعار السلع الأساسية والغذائية. 
وتعهدت الحكومة خلال الشهور الماضية بالاستمرار في تعزيز التنسيق بين السياستين النقدية والمالية للحفاظ على قيمة العملة الوطنية وتعزيز موارد الدولة عبر الاستيراد المدروس وضبط وترشيد الانفاق العام، بالتزامن مع خطوات أخرى ومهمة في تصحيح مسار الاقتصاد الوطني وفي مقدّمتها تجفيف منابع الفساد واتخاذ إجراءات فيما يخص ترشيد الانفاق وتحسين الإيرادات، وتعزيز مبدأ الشفافية والمساءلة، إلا أن كل تلك الإجراءات لم تدخل حيّز التنفيذ حتى الآن.
ويرى خبراء اقتصاديون أن إخفاق الحكومة في الملف الاقتصادي يعود في المقام الأوّل إلى عدم رغبة الحكومة أو جديتها في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والإدارية بسبب تضارب المصالح بين بعض مكوّناتها والسعي الحثيث لبعض الأطراف السياسية المشاركة في الحكومة إلى تحقيق مصالحها الحزبية والشخصية على حساب المصلحة الوطنية العليا.
ويؤكد الخبراء أن الحكومة غير المنسجمة أصلاً تبرّر في كثير من الأحيان غياب الإصلاحات باستمرار الحرب والصراع مع الميليشيا الحوثية وازدواج المؤسّسات الاقتصادية والإجراءات المالية والإدارية، مشيرين إلى شبهات الفساد التي تشوب ملفات الكهرباء والمشتقّات النفطية والعملة والتعيينات في أجهزة الدولة وخاصةً في السفارات والملحقيات اليمنية في الخارج.
وفي اجتماعه الأخير أقرّ مجلس الوزراء اليمني في اجتماعه بعدن "التزام الحكومة بالتنفيذ الصارم لبنود اتفاقية دعم الموازنة، وفق الآليات المزمّنة المعدّة، ومضيّها في تنفيذ الإصلاحات الشاملة"، لافتاً إلى "الإجراءات القائمة لتنفيذ توجيهات مجلس القيادة الرئاسي فيما يخصّ تفعيل عمل مؤسّسات الدولة في العاصمة المؤقتة عدن وتواجد قيادات الدولة فيها وما يتطلّبه ذلك من توفير الأجواء الضامنة لعدم تقويض عمل المؤسّسات وقيادتها تحت أي مبرّر وبأي مستوى".
وجاء هذا الالتزام بعد تقديم المملكة العربية السعودية في الأوّل من أغسطس دعماً اقتصادي جديداً إلى اليمن بقيمة 1.2 مليار دولار لسد عجز الموازنة الخاصة بالحكومة ودعم رواتب وأجور ونفقات التشغيل، ودعم ضمان الأمن الغذائي في اليمن.
وفي الـ 24 من مايو الماضي أقرّ رئيس الوزراء الدكتور معين عبد الملك تشكيل لجنة برئاسة وزارة المالية وعضوية البنك المركزي اليمني ووزارات الصناعة والتجارة والخدمة المدنية والنفط والمعادن والإدارة المحلية والتخطيط والتعاون الدولي لمتابعة تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي والنقدي بما فيها السياسات والأنشطة والإجراءات المزمّنة وحوكمة أعمال التنفيذ، إلا أن اليمنيين لم يلمسوا حتى الآن أي أثر يذكر لتلك اللجنة، بل على العكس يعايشون تفاقم الأزمة الاقتصادية وانتشار الفقر والبطالة والفساد.
وأناطت الحكومة باللجنة مهمة "وضع خطة مزمّنة لتنفيذ المهام الواردة في برنامج الإصلاح ومناقشة الخطة وإقرارها، والرفع الى مجلس الوزراء للمصادقة عليها وإنشاء آلية للمتابعة وجمع البيانات وتحليلها".
ويؤكد مراقبون أن ما تحقّق من وعود الحكومة لا يكاد يذكر، لا على المستوى الاقتصادي من تحسين لقيمة الريال، أو أسعار السلع الأساسية، ولا على المستوى المعيشي الذي يضمن حداً أدنى من الاحتياج الضروري للمواطنين، ولا على مستوى الخدمات.
وأكدوا أن المشاريع ذات العلاقة المباشرة بتحسين الوضع المعيشي لليمنيين "تبقى رهينة التطورات السياسية والعسكرية، فالريال اليمني يشهد تذبذباً مستمراً في قيمته مقابل الدولار والريال السعودي، وينعكس ذلك بشكل كارثي على القدرة الشرائية للمواطنين".
وكان فريق من خبراء صندوق النقد الدولي برئاسة جويس وونغ قام ببعثة افتراضية ووجاهية في العاصمة الأردنية عمّان مع السلطات اليمنية في يونيو الماضي، لبحث آخر التطورات الاقتصادية، والنظرة المستقبلية، والتقدّم الذي حقّقته الإصلاحات الرئيسية في اليمن.
وطالبت البعثة في بيان السلطات اليمنية بالحفاظ على الزخم الإصلاحي بما في ذلك الدفع بإصلاحات قطاع الكهرباء لخفض التكاليف وزيادة تحصيل الإيرادات. 
وشدّدت على ضرورة استمرار نظام مزاد بيع العملة الأجنبية الأسبوعي الذي يوفّر العملة الأجنبية لتمويل الواردات الأساسية بصورة شفّافة وبأسعار صرف السوق وذلك للحد من التضخّم ودعم استقرار سعر الصرف من خلال استيعاب السيولة.

جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية
جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية