اقتصاد

تعافي الاقتصاد العالمي من إدمان النفط.. أمل بعيد المنال

رويترز

|
01:22 2022/03/26
A-
A+
facebook
facebook
facebook
A+
A-
facebook
facebook
facebook

قد يكون العالم حالياً أقل اعتماداً على النفط مما كان عليه وقت صدمات الطاقة في سبعينيات القرن الماضي، لكن الصراع في أوكرانيا دليل واضح على احتياج شديد له يجعله لا يزال قادراً على إحداث اضطرابات في الاقتصادات وإرباك لصانعي السياسات وإثارة شقاقات على الصعيد السياسي.

 
Sorry, the video player failed to load.(Error Code: 101102)

عندما دفعت حرب أكتوبر 1973 دولاً عربية لفرض حظر نفطي زلزل الأسواق العالمية ورفع التضخم لمعدلات فاقت 10 %، كان النفط يشكل ما يقرب من نصف مزيج الطاقة العالمي، وهي نسبة انخفضت منذ ذلك الحين إلى الثلث تقريباً.

وجاء هذا التحول مع زيادة تركيز الدول الثرية على الخدمات وزيادة كفاءة المصانع وتحول الاعتماد في توليد الكهرباء على الفحم والغاز الطبيعي بدلاً من النفط.

وخلصت دراسة أجرتها جامعة كولومبيا العام الماضي إلى أن نفس النمو الاقتصادي الذي كان يتطلب قبل نصف قرن برميلاً كاملاً من النفط يمكن تحقيقه الآن بأقل من نصف برميل.

بل إن بعض المحللين كانوا يتوقعون في السنوات الأخيرة ألا يجد الاقتصاد العالمي صعوبة في التعامل مع أي صدمات نفطية في المستقبل. وأشار آخرون إلى إجراءات الإغلاق المرتبطة بفيروس كوفيد-19 في العامين الماضيين كدليل على أن الاقتصاد يمكن أن يعمل، وإن كان بصورة مختلفة، في ظل انخفاض كبير لاستهلاك النفط.

لكن عودة الطلب على النفط بشراسة في 2021 وتصاعد أسعاره نتيجة الصراع في أوكرانيا يسلطان الضوء من جديد على مدى الجهد المطلوب ليتخلى الاقتصاد العالمي عن عادة الاعتماد على النفط التي تأصلت على مدى عقود.

وقال آلان جيلدر نائب الرئيس لشؤون التكرير والكيماويات وأسواق النفط في وود ماكينزي للاستشارات إن تحول الطلب على النفط أمر صعب على المدى القصير لأنه يتطلب تريليونات الدولارات لاستبدال عناصر قديمة في البنية التحتية مثل المَركبات والمعدات.

وأضاف «ثمة حاجة للاستثمار في اتجاه تقليل الارتباط بين النشاط الاقتصادي والطلب على النفط».

وبددت أحدث زيادة في أسعار النفط، التي ارتفعت 50 % منذ بداية العام، آمالاً راودت البنوك المركزية العالمية العام الماضي في أن يكون التضخم الذي أذكت نيرانه حزم التحفيز المصاحبة للجائحة «مؤقتاً».

بل إنها أوضحت بما لا يدع مجالاً للشك مدى تغلغل النفط في الآليات الداخلية للاقتصاد العالمي.

ومن البتروكيماويات المستخدمة في المواد البلاستيكية أو الأسمدة إلى الوقود المستخدم لشحن البضائع حول العالم، تظل مشتقات النفط الخام مسؤولة عن جزء كبير من الزيادة التي يتكبدها المستهلكون حالياً في أسعار جميع أنواع السلع الأساسية.

وفي الولايات المتحدة، تشير تقديرات مجلس الاحتياطي الاتحادي إلى أن كل عشرة دولارات تزيد في سعر برميل النفط تذهب بما نسبته 0.1 نقطة مئوية من نمو الناتج المحلي الإجمالي وترفع التضخم 0.2 نقطة مئوية. وفي منطقة اليورو، فإن كل زيادة مقومة باليورو في سعر النفط نسبتها عشرة بالمئة ترفع التضخم في منطقة اليورو بما بين 0.1 و0.2 نقطة، بحسب أبحاث البنك المركزي الأوروبي.

وبالتأكيد، يكون تأثير ذلك أكثر وضوحاً في محطات الوقود.

فالدول المستوردة للنفط في أوروبا تهرع لتقديم خصومات على الوقود وامتيازات أخرى لقائدي السيارات، إذ تأخذ في الحسبان كيف يمكن أن ينتقل غضبهم إلى احتجاج أوسع نطاقاً كما كان الحال مع حركة السترات الصفراء في فرنسا عام 2018.

ومن المتضررين بشدة أيضاً آسيا، فهي منطقة ليست فقط صاحبة أكبر طلب على النفط في العالم وإنما أيضا صاحبة أسرع نمو في الطلب. واليابان وكوريا الجنوبية من بين أولئك الذين يرفعون دعم الوقود لتخفيف أثر ارتفاع الأسعار.

أما الولايات المتحدة، أكبر منتج للنفط في العالم، فيجب أن تكون محمية بشكل أفضل من غيرها. فقد أشار رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي جيروم باول يوم الاثنين إلى أن البلاد باتت أقدر بوضوح على الصمود في مواجهة الصدمة النفطية مما كانت عليه في السبعينيات.

لكن هذا لم يمنعه من توجيه أقوى رسائله حتى الآن فيما يتعلق بمعركته مع التضخم البالغ الارتفاع، إذ أشار إلى أن البنك المركزي يمكن أن يتحرك «بشكل أكثر قوة» للحيلولة دون تفاقم دوامة زيادة الأسعار.

* عادة يصعب التخلص منها

إذا كان الأمر قد استغرق خمسة عقود حتى تنخفض حصة النفط في مزيج الطاقة العالمي من 45 بالمئة إلى 31 بالمئة، فسيظل السؤال مطروحاً عن مدى السرعة التي يمكن للعالم أن يقلّص بها هذه الحصة، لا سيما وأن لديه الآن هدفاً معلناً بتحقيق حيادية الكربون.

ومن المتوقع أن يمثّل تحول قائدي السيارات إلى المركبات الكهربائية نقطة تحول في الطلب العالمي على النفط تدفع أسعاره للهبوط. فسيارات الركاب هي القطاع الأكثر استخداماً للنفط، إذ تبتلع حوالي ربع النفط المستهلَك في أنحاء العالم.

 

جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية
جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية