آراء

من لطائف تفسير القرآن الكريم..

أ.د مقبل العمري

|
02:01 2021/07/26
A-
A+
facebook
facebook
facebook
A+
A-
facebook
facebook
facebook

عندما أمر الله نوحا عليه السلام أن يعزم في إنقاذ البشرية فقال له سبحانه: ( احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول)، تحركت عاطفة الأبوة عند النبي نوح فنادى نوح ربه فقال: ( رَبِّ إِنَّ ٱبۡنِي مِنۡ أَهۡلِي وَإِنَّ وَعۡدَكَ ٱلۡحَقُّ وَأَنتَ أَحۡكَمُ ٱلۡحَٰكِمِينَ ) هود:٤٥.
فماذا رد عليه رب العلمين ؟
قَالَ له بكل صراحة وصرامة:( يَٰنُوحُ إِنَّهُۥ لَيۡسَ مِنۡ أَهۡلِكَۖ إِنَّهُۥ عَمَلٌ غَيۡرُ صَٰلِحٖۖ فَلَا تَسۡ‍َٔلۡنِ مَا لَيۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمٌۖ إِنِّيٓ أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ ٱلۡجَٰهِلِينَ ). هود: ٤٦.

قال الشعراوي رحمه الله : لم يقل رب العالمين أن عمله غيرصالح بل قال أنه عمل غير صالح أي أنه بكله شر محض ،وهكذا البشر بعضهم فيهم شر والبعض منهم هو الشر بكله ، وبعضهم فيهم خير كثير ، والبعض منهم خير محض ، كما في الأنبياء و الصالحين.

ولقد تجاوز ربنا في تعبيره حدود البلاغة والإيضاح ليقطع على نوح عليه السلام الشك باليقين، بتقريره أمرين هما : أنه ليس من أهلك ، وإنه عمل غير صالح ،وأما الأمر الثالث فقد نهى نوح أن يكون من الجاهلين وأن يسأل الله ماليس به علم.
وقد دل ذلك على أن الانتماء للأنبياء ليس بالنسب ولا بالزوجية ولا بالمصاهرة ، وإنما بالعمل الذي عمله الأنبياء.

ولما كان ذلك الابن هو ابن نوح حقا ومن صلبه ، وهو أول العصبات التي ترثه ، والابن هو أول العصبات في ميراث أبيه كما قال الرحبي :
الورارثون من الرجال عشرة // أسماؤهم معروفة مشتهرة
الابن وابن الابن مهما نزلا// والأب والجد وإن علا....

ورغم مكانة الابن في هذا النسب الحقيقي ، فقد قطعه الله، ونفاه ، وألغاه تماما بسوء العمل الذي لا يناسب مقام النبوة.

ولذلك عرف نوح وهو النبي العظيم أنه أخطأ في حق الله ، وجهل قدر علمه فطلب العفو والرحمة والمغفرة ، فقال : (رَبِّ إِنِّيٓ أَعُوذُ بِكَ أَنۡ أَسۡ‍َٔألك مَا لَيۡسَ لِي بِهِۦ عِلۡمٞۖ وَإِلَّا تَغۡفِرۡ لِي وَتَرۡحَمۡنِيٓ أَكُن مِّنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ).هود : ٤٧.

ومن هنا فلا يصح لمن هو عمل غير صالح أن يدعي الانتساب لمقام نبينا محمد صلى الله عليه وسلم خاصة أن محمدا هو الخير المبين ، والرحمة المهداة للعالمين ، وهو خاتم النبيين وإمام المتقين،وما كان أبا أحد من المسلمين .

فلا يصح لأي مسلم الانتساب إليه إلا أن يكون عملا صالحا فضلا عن صحة الدعوى في النسب، كذلك لايحق لأي مسلم أن يدعي أنه ينتمي لأي مدرسة فقهية للأئمة والصحابة الصالحين ،مالم يكن عمله كعملهم، وتظل دعوى الانتساب إلى أي من الصحابة أو الائمة الصالحين بلا قيمة تذكر ، ما دام العمل الصالح غير موجود ومتوافر على الواقع المعاش .

العمل الصالح اليوم هو تحريم سفك الدم الحرام ، وتحقيق الأمن وصنع السلام ، والعدل والمساواة ،وعدم استئثار فئة معينة  بالوظيفة العامة من دون الناس  ،وبناء الطرق والجسور ، والمدارس والمستشفيات ،وتوفير الماء والغذاء والدواء والكهرباء  لليمنيين  مجانا ، ورفع الظلم والجبايات ، والا حتكام إلى الشرع والدستور والقانون ، والضرب على أيدي الفاسدين ، ونصرة الضعفاء والمساكين، و تحريم التبعية لدواعش السنة والشيعة ، وأصحاب مشاريع الهيمنة على اليمن من غير اليمنيين.

والعمل الصالح هو الحفاظ على الجمهورية اليمنية والوحدة اليمنية المباركة، ونظام الانتخابات  ،وطرد الغزاة من التواجد على أراضيها ، تمهيدا لا نتخابات قادمة ينتخب فيها الشعب من يريد ، وأما مقولة أن الله قد اختار لنا شخصا معينا من السماء فدعوى ظاهرها الكذب، وباطنها النفاق ،ومضمونها الفساد في الأرض ، وسوف تسيل على عتباتها الدماء إلى يوم القيامة.

ولمن أراد أن يصدق أن يرى الواقع ، أو يسترجع التاريخ ، أو يقل خير ا أو يصمت ، وفي الأخير لن يصح إلا الصحيح.

جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية
جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية